بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي خير خلق الله سيدنا محمد بن عبدالله وعلي ال بيته آل الله، السلام عليكم ايها الأخوة والأخوات، واهلاً بكم في لقاء جديد وهذا البرنامج القرآني.
يقول تعالي في الآية الرابعة والستين من سورة النساء:
وما ارسلنا من رسول الا ليطاع بأذن الله ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيماً
في الحلقة الماضية من هذا البرنامج ذكرنا ان بعضاً من المسلمين المنافقين وبدلاً من الأحتكام الي رسول الله (ص) كانوا يحتكمون الي الطواغيت وحكام الجور. وجاءت هذه الآية لتبين ان واجب الناس طاعة النبي في مختلف الأمور ذلك لأن النبي الأكرم (ص) ليس مبلغاً للأحكام الألهية فحسب، بل هو رئيس الحكومة الأسلامية ولا بد من اتباعه والأخذ برآيه الكريم. ولا ريب ان طاعة رسول الله هي بأمر الله تعالي.وتبين هذه الآية كذلك ان طريق التوبة من عدم اتباع اوامر الرسول هو في العودة اليه (ص).
ومن الضروري التأكيد هنا علي ان هذه الآية المباركة لا تخص زمن نزولها فقط . بل هي المعيار في كل زمان ومكان وهذا هو من اعجاز القرآن الكريم دستور الحياة الخالد، فأذا ارتكب احدنا اثماً فله التوبة والأنابة في زيارة قبر رسول الله (ص) والدعاء عنده وطلب الشفاعة من هذا النبي الكريم الرؤوف بالمؤمنين.
وما يمكن ان نتعلمه من هذه الآيه ما يلي .
اولاً: ان هداية الناس مرهونة بطاعة القادة الربانيين والأيمان بمفرده ليس كافياً ، اذ لا بد ان يكون الأيمان مقروناً بالطاعة في العمل.
ثانياً: ان الأبتعاد عن تعاليم الأنبياء (ع) والرجوع الي الطواغيت ظلم بالنفس.
ثالثا: من توصيات القرآن الكريم زيارة قبور اولياء الله من الأنبياء والأئمة (ع) وطلب الشفاعة هناك. حيث ان هذه الذوات المقدسة مؤهلة كل التأهل للشفاعة عند الله الرحمن الرحيم.
ويقول تعالي في الآية الخامسة والستين من سورة النساء.
فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما
تفيدنا هذه الآية انه من بعد الأحتكام الي النبي (ص) لا بد من العمل بحكمه الشريف والتسليم له واطاعة.
وجاء في التفاسير ان اثنين من اصحاب النبي (ص) اختلفا حول سقي نخيلهما فرجعا الي رسول الله (ص) وطلبا ان يحكم بينهما وحكم النبي (ص) في الواقعة، لكن احد طرفي النزاع والذي لم يكن الحكم لصالحه اتهم النبي بالتحيز الي الطرف الآخر وكان ان تأذي رسول الله من مثل هذا الأتهام الباطل حتي تغير لون وجهه الشريف، فنزلت هذه الآية تنذر المسلمين و تحثهم علي طاعة رسول الله والتسليم لامره لكن ما نتعلمه من هذه الآية المباركة:
اولاً: لا يتحقق الأيمان من دون التسليم والأنسان المؤمن هو من يطيع الله ورسوله ويسلم لحكمهما قلباً ولساناً.
ثانياً: القضاء بين الناس من شؤون الأنبياء و من ينوب عنهم (ع) وان الدين ليس عبادات وحسب بل انه يتضمن المعاملات بمعناها الأعم والأحكام التي تضمن تسيير المجتمع وتمشية اموره.
ويقول تعالي في الآيات السادسة والستين والسابعة والستين والثامنة والستين من سورة النساء المباركة:
ولو انا كتبنا عليهم ان اقتلوا انفسكم او اخرجوا من دياركم ما فعلوه الا قليل منهم ولو انهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم و اشد تثبيتا واذا لأتيناهم من لدنا اجراً عظيماًولهديناهم صراطاً مستقيماً
يستفاد من هذه الآيات ان الأمر بالرجوع الي الرسول (ص) ليس بالأمر الصعب علي المؤمنين ويذكر القرآن هنا بعض الدروس والعبر من الأمم الماضية.
فيقول عندما عبد اليهود العجل امرهم الله تعالي كفارة لهذا الذنب بالخروج من ديارهم وبين القرآن في خطاب للمسلمين لو كان الله قد امركم بمثل هذا لما اطاع الله هذا الا القليل.
ونستفيد من هذه الآيات.
اولاً: ان الكثير هم الذين يدعون الأيمان لكن لا ينجح في الأختبار الألهي الكثيرون.
ثانياً: اوامر الله تعالي فيها لنا نصائح وتعود بالنفع والفائدة علينا.
ثالثاً: كلما حثثنا الخطي علي طريق الله ازداد ايماننا و تثبتت اقدامنا علي الصراط المستقيم.
نسأل الله تبارك وتعالي ان يجعل قلوبنا بالأيمان عامرة ويجعل اقدامنا علي صراطه المستقيم ثابتة.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب والسلام عليكم حضرات المستمعين الأفاضل ورحمة الله و بركاته.