بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام علي خير خلقه واشرف بريته سيدنا محمد واله الهداة الميامين، السلام عليكم مستمعينا الكرام واهلاً بكم في لقاء قرآني جديد وتفسير موجز لآيات اخري من سورة النساء المباركة.
يقول تعالي في الآية الستين من هذه السورة:
الم تر الي الذين يزعمون انهم آمنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك، يريدون ان يتحاكموا الي الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به، ويريد الشيطان ان يضلهم ضلالاً بعيداً
في الحلقة السابقة من هذا البرنامج وعندما تعرضنا لتفسير الآية التاسعة والخمسين من سورة النساء ذكرنا بان المرجع في حل كل المنازعات والأختلافات هو كتاب الله تعالي وسنة رسوله (ص) التي تشمل قوله وفعله و تقريره (ص) ، وتأتي هذه الآية المباركة لتنتقد اولئك الذين يرجعون الي الطواغيت وحكام الجور لحل منازعاتهم بدلاً من الرجوع الي المنهل الصافي القران الكريم والنبع العذب السنة النبوية المطهرة.
وعد القران الكريم هذا الرجوع الي غير المؤهلين للحكم الضلال المبين وعدول عن جادة الشرع القويم وفي شأن نزول هذه الآية المباركة ذكر المفسرون ان خلافاً نشب بين يهودي ومسلم من اهل المدينة فقرر اليهودي الأحتكام الي رسول الله (ص) لأنه الصادق و الأمين العادل. اما المسلم فرغب في الرجوع الي احد احبار اليهود لانه كان يريد منافعه وكان المسلم ذاك يعلم جيداً ان الحاكم اليهودي في الأمكان استمالته وتقديم الرشوة له ليحكم بغير الحق. اما الرسول الأكرم (ص) فحكمه العدل لانه وحي السماء.
وما يمكن ان نتعلمه من هذه الآية.
اولاً: ان الأيمان من دون ابتعاد عن الباطل والتبرئ من الطاغوت ايمانغير واقعي، لا بل هو ايمان خيالي لا لب فيه.
ثانياً: ان من يدعون الأيمان، وفي العمل يسايرون الطاغوت والشيطان انما يقفون في مواجهة الله ورسوله (ص).
ثالثاً: القبول بحكم الطواغيت يعد الأرضية للنشاطات الشيطانية في المجتمع.
ويقول تعالي في الآية الحادية والستين من سورة النساء:
واذا قيل لهم تعالوا الي ما انزل الله والي الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا
يستفاد من هذه الآية الشريفة ان الرجوع الي غير المؤهلين في الأحتكام دليل النفاق، والمنافقون هم الذين يفرون من كتاب الله وسنة رسوله (ص) لا بل انهم يحولون دون احتكام الآخرين الي كتاب الله تعالي وسنة الرسول الخاتم محمد (ص).
وتعلمنا هذه الآية ان نؤدي واجبنا في دعوة الناس الي الله تبارك اسمه، حتي وان علمنا ان من ندعوهم لا يطيعون الله.
ونتعلم هنا كذلك ان معارضة قيادة الحق هي من ابرز علائم المنافقين لعنهم الله في الدنيا والآخرة.
ونبقي مع كتاب الله العزيز لنستمع الي الآيتين الثانية والستين والثالثة والستين من سورة النساء حيث يقول تعالي وهو اصدق القائلين.
فكيف اذا اصابتهم مصيبة بما قدمت ايديهم ثم جاءوك يحلفون بالله ان اردنا الا احساناً و توفيقاً اولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فاعرض عنهم وعظهم وقل لهم في انفسهم قولاً بليغاً يستفاد من هذا النص القرآني ضرورة موعظة المنافقين وتحذيرهم من عواقب اعمالهم. والغريب ان المنافقين في زمن النبي (ص) كانوا يتذرعون بذريعة واهية في عدم التحاكم اليه، حيث انهم كانوا يقولون لوحكم النبي (ص) فأن حكمه سيكون لصالح احد طرفي النزاع وضد الآخر وهذا الآخر يتأذي من جراء ذلك وهذا الأمر لا يتناسب وشأن رسول الله (ص) وهذه حقاً ذريعة واهية وكلام لا معني فيه.
ونتعلم من هذا النص الكريم ما يلي:
اولاً: ان سبب الكثير من مشاكل الفرد والمجتمع اعمال الأنسان نفسه.
ثانياً: ان تبرير الأعمال من علامات النفاق.
ثالثاً: الحلف غطاء يستغلة المنافقون الكاذبون للتغطية علي اعمالهم واهدافهم المشؤومة.
رابعاً: قد يؤطر الآثمون اعمالهم السيئة باطارات جميلة مثل الأحسان والصلاح كي لا تواجه الأعتراض.
خامساً: لا بد من موعظة المنافقين وتحذيرهم علهم يثوبون الي رشدهم ويعودون الي الصراط المستقيم.
نسأل الله تبارك وتعالي ان ينأي بانفسنا عن النفاق ويطهرها من براثنه و يوفقنا لمرضاته انه السميع المجيب والسلام علي من اتبع الهدي.