البث المباشر

تفسير موجز للآيات 32 حتى 33 من سورة النساء

الثلاثاء 28 يناير 2020 - 07:24 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 120

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة وازكي التسليم علي سيد الخلق اجمعين نبينا محمد وعلي اله الهداة المهديين. السلام عليكم اخوة الأيمان واهلاً بكم في هذا اللقاء القرآني الجديد.

 

نستمع الي تلاوة الآية الثانية والثلاثين من سورة النساء المباركة:

ولاتتمنوا مافضل الله به بعضكم علي بعض، للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن وسئلوا الله من فضله ان الله كان بكل شئ عليماً 

يقوم نظام الخلقة علي اساس التفاوت والأختلاف وان الله تعالي ومن اجل تسيير نظام الخليقة قد خلق موجودات شتي وبانواع مختلفة.

فلقد خلق الله تعالي الانسان وخلق الملائكة وخلق الحيوان وخلق النبات وخلق الجماد وخلق الكون بما فيه . تبارك الله احسن الخالقين. وخلق الله الذكر والانثي ويتفاوت الناس حسب مشيئة الله  في الاجسام والانفس وفي هذا التفاوت حكمة ومصلحة من لدن الخالق العظيم لتلبية الحاجات البشرية المختلفة. ان هذا الوجود بكل عظمته يحتاج الي مليارات من الموجودات المختلفة. لكل واحد منها وظيفته. لكن كل هذا الاختلاف والتفاوت بين الناس لايعني بأي حال من الاحوال تمييزاً بينهم وتفضيل احد منهم علي آخر فمن وجهة نظر الدين الاسلامي الحنيف فأن طبيعة الخلق ليست ميزان والمعيار في التفضيل، انما الملاك هنا هو التقوي كما هو صريح القرآن الكريم: ان اكرمكم عند الله اتقاكم 

والله سبحانه وتعالي وعندما خلق الناس مختلفين يكلفهم كل حسب طاقته وكل حسب قدرته انه تعالي في الاية السابعة من سورة الطلاق يقول: لايكلف الله نفساً الا ما ةءاتاها علي ان ما يميز الانسان عن سائر المخلوقات العقل وقدرة التفكير والأرادة والأختبار.لكن لايخفي ان هذه الأمور اما ان تتعالي بالانسان او تنزل به الي الهاوية لاقدر الله 

ان بعض مكونات الذات الأنسانية من الله مثل الجسم والروح، لكن هناك صفات يمكن ان يكتسبها الأنسان بذاته ومن ذلك العلم والقدرة والثروة.

ويمكن ان نستفيد من هذا النص الشريف ما يلي :

اولاً: ينبغي تطهير النفس عن رذيلة الحسد فبدلاً من الحسد يمكن للانسان ان يطور قدراته الذاتية ويصل الي مايريد بأذن الله تعالي.

ثانياً: ان نجنب في نفوسنا جذور الآمال غير الواقعية حيث ان مثل هذه الآمال تؤدي بالكثير منا الي رذائل الصفات.

ثالثاً: علينا السعي والمثابرة في الحياة وان نطلب من الله الرزق لانه هو الرزاق ذو القوة المتين وانه تعالي شأنه يقول  امشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور. 

رابعاً: المرأة تملك في الاسلام مثل الرجل فما تحصل عليه من مال عن طريق الصداق او الأرث هو ملك لها ولها حق التصرف فيه كما شاءت وحسب موازين الشرع والقانون.

 

ويقول تعالي في الآية الثالثة و الثلاثين من سورة النساء:

ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والاقربون والذين عقدت ايمانكم فآتوهم نصيبهم ان الله كان علي كل شئ شهيداً

 تتحدث هذه الآية عن حق الارث بالنسبة للرجل والمرآة وانهما يملكان ما يورث لهما من اموال .وان هذه الآية تؤيد كذلك نوعاً من العقود كان جائزاً في العصر الذي سبق الأسلام بين العرب وهذا العقد يشبه الي حد ما عقد التأمين المتعارف في زماننا اذ كان رائجاً بين العرب قبل الاسلام ان يتعاقد اثنان علي نصرة احدهما الاخر في شؤون الحياة واذا ماتضرر احد الطرفين المتعاقدين فأن علي الآخر رفع هذا الضرر ودفع التعويضات اللازمة لكن هذا العقد كان يتضمن كذلك التوارث بين طرفيه.

وكما اسلفنا الذكر فأن الاسلام امضي مثل هذا العقد الذي يمكن ان يسمي عقداً اجتماعياً واقتصادياً لكنه اشترط التوارث اذا لم يكن لاحد طرفي العقد وريث شرعي.

ونتعلم من هذه الاية الكريمة:

اولاً: ان قانون الأرث في الاسلام قانون الهي وقانون متعالي .وليس لاحد اجراء تغيير فيه او تغيير في حصص الارث المبينة في الشرع المقدس.

ثانياً: الوفاء بالعقود امر لازم لاسيما العقود المالية منها بدليل قوله تعالي اوفوا بالعقود حيث ان الامر يدل علي الوجوب ولقوله (ص) المؤمنون عند شروطهم.

ثالثاً: الموت لايغير من قيمة العقد القانونية ويبقي العقد علي ماهو عليه، غاية الامر ان الورثة يكونون طرفاً للعقد او طرفين له.

نسأل الله تبارك وتعالي ان يوفقنا لمراضيه ويجعل مستقبل امرنا خيراً من ماضيه والسلام عليكم حضرات المستمعين الأفاضل ورحمة الله وبركاته

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة