بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيدنا محمد واله الطاهرين السلام عليكم حضرات المستمعين هذا لقاء قرآني آخر ننور مقلنا فيه بانوار الذكر الحكيم.
يقول تعالي في الآيتين الحادية عشرة والثانية عشرة من سورة النساء:
يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، فأن كن نساءاً فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وان كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك ان كان له ولد فأن لم يكن له ولد وورثه ابواه فلأمه الثلث فأن كان له اخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها او دين اباؤكم وابناؤكم لا تدرون ايهم اقرب لكم نفعاً فريضة من الله، ان الله كان عليماً حكيماً ولكم نصف ما ترك ازواجكم ان لم يكن لهن ولد فأن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصيني بها او دين ولهن الربع مما تركتم ان لم يكن لكم ولد فأن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها او دين، وان كان رجل يورث كلالة او امرآة وله اخ او اخت، فلكل واحد منهم السدس، فأن كانوا اكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصي بها او دين غير مضار
ان احكام الشريعة الأسلامية المحاد الصادرة عن الذات المقدسة الألهية تتناسب والحاجات الطبيعية والفطرية للأنسان.
والموت الذي هو طريق الأنتقال من الدنيا الي الآخرة يؤدي الي رفع يد الإنسان عن ملكية امواله التي تصبح ارثاً ينتقل الي ابنائه واقربائه المقربين حسب ما هو مبين في طبقات الأرث الثلاثة.
علي انه لابد من القول ان احكام الأرث في الأسلام تتغاير مع احكام الأرث في الأديان الأخري وعند الشعوب الأخري. وعند بعض الأقوام تقسم تركة الميت بين اقاربه النسبيين مثل الأب والأبن و تحرم الزوجة وبنات المتوفي من الميراث، وفي بعض دول العالم المعاصر تنتقل ملكية اموال المتوفي من ملكية خاصة الي اخري عامة فتنتزع من ابناء اسرته.
اما الأسلام فيقسم التركة بين ابناء الأسرة فيعطي للأولاد بنيناً كانوا او بنات حقهم ولا يغفل حق الأبوين والزوجة ايضاً.
وعندنا في الأسلام تشريع الوصية اذ من حق الميت ان يوصي بثلث امواله و وصيته هذه سواء كانت تمليكية او عهدية نافذة وصحيحة واذا اوصي الميت بما زاد عن الثلث نفذت وصيته في الثلث وفيما زاد عن الثلث يحتاج الي امضاء الورثة ، ولعل المستمع الكريم يتذكر اننا قد تكلمنا خلال تفسير آيات من سورة البقرة حول هذا الموضوع الذي بسط الفقهاء العظام القول فيه في مصنفاتهم الفقهية.
وثمة نقطة يمكن الوقوف عليها في قانون الأرث الأسلامي وهي ان الأسلام قد جعل سهم الذكر من الأرث ضعف سهم الأنثي ذلك ان توفير مستلزمات المعيشة في الغالب الأعم هو من واجب الرجل لا المرآة.
وقد يتصور البعض ان في قانون الأرث هذا اجحاف لكن الأمر ليس كذلك فالأسلام لم يوجب علي المرآة اي مسؤولية مالية تجاه الأسرة، حيث يتكفل الزوج بتأمين ما تحتاجة الزوجة من مأكل وملبس و مسكن وسائر الأحتياجات الحياتية. وعلي يكون في مقدور المرآة ادخار سهمها من الأرث او انفاقة في شؤونها الخاصة.
ان الآيتين الحادية عشرة و الثانية عشرة من سورة النساء المباركة تبينان الأسس العامة في الأرث من وجهة نظر الشريعة الأسلامية ويستفاد منهما بعض احكام الأرث للوالدين والأبناء والأقربين والأزواج علي ان احكام الأرث الأخري وكسائر الأحكام تستنبط من السنة النبوية المطهرة التي تكمل او لنقل توضح احكام القرآن، ذلك ان السنة النبوية المطهرة هي ثاني مصادر التشريع الأسلامي عند المسلمين بعد كتاب الله تعالي.
وثمة نقطة نري من الضروري الأشارة اليها هنا وهي ان التركة تقسم بين الورثة حسب احكام الشرع بعد اداء الدين اذا كان وبعد تنفيذ الوصية اذا كانت حيث ان حقوق الناس والمتوفي مقدمة علي حقوق الورثة.
ويقول تعالي في الآيتين الثالثة عشرة والرابعة عشرة من سورة النساء المباركة:
تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و ذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله و يتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين
توصي هاتان الآيتان المؤمنين بطاعة الله ورسوله لا سيما في القضايا المالية و منها الأرث و تقسيمه كما تبين ان تعدي حدود الله اثم كبير له عذاب شديد.
والذي نفهمه هنا ان طاعة الله تعالي ليست عبادة و حسب ، بل انها تتجسد في رعاية حقوق الناس في المسائل الأجتماعية والأقتصادية كذلك وفي هذه الطاعة سعادة الفرد والمجتمع، نعم الأنسان يصل الي السعادة في الدنيا وفي الآخرة في ظل القانون الألهي لا في اطار القانون الوضعي الذي هو من صنع الأنسان فاحكام الشرع هي الأكثر شمولاً واستيعاباً لأنها تتأقلم و تتجاوب مع حاجات الناس.
نسأل الله تعالي ان يوفقنا للعمل باحكام دينه واتباع شرعه المقدس الأنور انه سميع الدعاء.
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا انتهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، حتي لقاء جديد نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.