بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمدلله رب العالمين و الصلاة و السلام علي نبينا محمد و اله الهداة المهديين.
السلام عليكم مستمعينا الأعزاء هذا لقاء قرآني زاهر نستمع فيه الي آيات مباركات اخري من سورة آل عمران مع تفسير موجزها.
يقول تعالي في الآيتين 149 و 150 من هذه السورة الشريفة:
يا ايها الذين امنوا ان تطيعوا الذين كفروا يردوكم علي اعقابكم فتنقلبوا خاسرين بل الله مولاكم و هو خير الناصرين
ان من الأخطار التي تهدد المؤمنين و المجتمعات الإسلامية ، الرجوع عن الأصول و القيم الدينية سعياً الي اهداف دنيوية، و كثيرون هم الأشخاص و المجتمعات التي اختارت في البداية طريق الأيمان و رجحته علي طريق الكفر، لكن مع مرور الزمن و بعد ان بهرتم بعض المغريات و الرفاه المادي عند المجتمعات غير الإسلامية ضعفت عقائدهم و هفتت اعمالهم و استولي عليهم الشيطان و لا حول و لا قوة الا بالله.
و يخاطب القرآن الكريم مثل هؤلاء و يبين لهم ان اتباع الكفار فيه خسران مبين ، ذلك ان من يتبع طريق الكفر يبوء بخسران الدنيا و الآخرة و هذا هو الخسران المبين ، و ان النصر لا يأتي من القوي الكافرة انه بيد الله العزيز الحكيم يمن به علي عبادة و هو خير الناصرين.
و نتعلم من هذا النص القرآني ان الخسارة الحقيقية ليست في ميادين الحرب، انها في ميدان الجهاد الفكري بين الأيمان و الكفر.
و يقول تعالي في الآية الحادية والخمسين بعد المئة من سورة آل عمران:
سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما اشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا و مأواهم النار و بئس مأوي الظالمين
تشير هذه الآية الي ان من يتبع طريق الكفر بعد الايمان لا يصل علي الاطلاق الي بر الأمان ذلك ان الأستعانة بغير الله شرك و كفر و مذلة و من استعان بغير الله ذل.
و مثل هؤلاء في القيامة انما مكانهم النار و جهنم و ساءت مصيراو نتعلم من هذه الآية ان الخوف من الموت و من المستقبل المجهول هو اكبر خوف يستولي علي قلوب الكافرين و ان هذا الخوف انما يزداد اذا زاد عدد المؤمنين الصالحين زادهم الله عزة في الدنيا و الآخرة و جعلهم في عليين.
و لنصغي الي الآية 152 من سورة آل عمران:
و لقد صدقكم الله وعده اذ تحسونهم باذنه حتي اذا فشلتم و تنازعتم في الأمر و عصيتم من بعد ما اراكم ما تحبون ، منكم من يريد الدنيا و منكم من يريد الآخرة ، ثم صرفكم عنهم ليبتليكم و لقد عفا عنكم و الله ذو فضل علي المؤمنين
بعد ان انهزم المسلمون في واقعة احد. اخذ بعض المسلمين يعاتبون النبي (ص) و يقولون له أليس الله تعالي وعدنا النصر ؟ فلماذا الهزيمة اذن؟ و تأتي هذه الآية لترد علي هؤلاء بأن وعد الله حق ، حيث ان النصر كان حليفكم في بداية الحرب لكن ثلاثة اشياء هي التي ادت الي هزيمتكم و هي انشغالكم بجمع الغنائم بعد ان فر العدو و اختلافكم و ترككم مواقعكم، فكان ان استفاد العدو من الفرصة و التف عليكم و نتعلم من هذه الآية ان وعد الله بالنصر حق مادام المؤمنون يعملون بواجبهم.
و ان الأختلاف وعدم الطاعة القائد هما من اهم عوامل الهزيمة و ان الهزيمة قد تكون طريقاً للإمتحان الإلهي و عليها ان لا تكون مدعاة لليأس بل عبرة و درس حتي يتحقق النصر المستقبلي .
و يقول تعالي في الآية 153 من سورة آل عمران المباركة:
اذ تصعدون و لا تلوون علي احد و الرسول يدعوكم في اخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا علي ما فاتكم و لا ما اصابكم والله خبير بما تعملون
من المشاهد المؤلمة و في ذات الوقت القبيحة في معركة احد بين المسلمين و المشركين ان نفراً من المسلمين و بعد ان باغتهم الأعداء انهزموا و تركوا رسول الله (ص) لوحده في ارض المعركة. و كلما كان الرسول يدعوهم للصمود و الثبات ما كانوا يعيرون لهذا النداء النبوي اهمية و كانوا يتسلقون جبل احد من اجل الفرار و هم يتصورون ان في ذلك نجاتهم و هكذا لم يلتذ المسلمون بالغنائم لانهم عصوا امر نبيهم (ص).
علي ان جبهة الحرب هي ميدان اختبار و محك ليعرف المؤمن الحقيقي من غيره. اذ ان كثيراً من الناس يدعون الأيمان لكن اذا احاطت بهم البلايا لم يثبتوا علي ايمانهم، فهم يضعفون و يهنون.
من واقعة احد و فيها الأمتحان الإلهي البالغ نتعلم ان لا نأسي علي ما فاتنا و لا نفرح بما اتانا و هذا الدرس درس قرآني بليغ فيه الفائدة الجمة و النفع الكثير نسأل الله تبارك و تعالي ان يجعل قلوبنا بالإيمان عامرة، و انفسنا علي هذا الأيمان ثابتة و ان يمن علينا بما يحب و يرضي فهو مولانا و نعم المولي و نعم النصير و الحمد لله رب العالمين و صلاته و سلامه علي سيدنا و مولانا محمد و ال بيته الطاهرين.