بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي امام الأنبياء والمرسلين ابي القاسم المصطفي (ص) وعلي اله الطاهرين، السلام عليكم مستمعينا الأكارم نحن واياكم في حلقة اخري من هذا البرنامج الذي نبدأة بالأصغاء الي الآية الخامسة بعد المئة من سورة آل عمران المباركة.
ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم
ان من الأخطار التي تهدد اتباع الأديان الألهية اشاعة الفرقة و الخلاف تبعاً لنزعات قومية او عرقية او تاريخية وما الي ذلك. وكنا في الحلقة الماضية من هذا البرنامج قد ذكرنا ان الله تعالي يدعو المؤمنين الي التألف والوحدة والأخوة، اذن فكل اتباع عقيدة التوحيد في اي مكان كانوا يلتفون حول محور واحد هو محور الأتحاد مهما اختلفت مواقعهم الجغرافية والقيود الزمانية هي الأخري لا تحول دون الوحدة حيث ان هذا الرباط المقدس يربط المؤمنين في الحاضر والغابر ويشد من اوامرهم المتينة.
نعم ان محور التوحيد هو اقوي محور يجمع من حوله المؤمنين، بيد ان الذي يؤسف له هوان المصالح المادية وفي بعض الأحيان الأغراض السياسية قد تثير بين المؤمنين الفرقة والخلاف، وتأتي هذه الآية المباركة لتحذر المؤمنين من مغبة الأختلاف الذي عاقبته العذاب في الدنيا والآخرة كما هو صريح الاية الكريمة. ونتعلم من هذه الآية أن منشأ الأختلاف علي الدوام ليس الجهل، فقد يكون الأنسان عالماً بالحق لكن بتفكر له ومن بعد ذلك ينشر للفرقة بذورها.
ويقول تعالي في الآيتين 106 و 107 من سورة آل عمران:
يوم تبيض وجوه و تسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم اكفرتم بعد ايمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون واما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون
ان اعمالنا في الدنيا سواء كانت حسنات ام سيئات لها ظاهرو باطن، ظاهر العمل يتجسد لدينا سمعاً و بصراً، اما باطن العمل فهو التأثير الذي يتركه العمل علي نفوسنا وسيرتنا وسلوكنا، واذا كانت ظواهر الأعمال تبدو في الدنيا فأن بواطنها في الآخرة بادية انها تتجسم حقيقة يوم الحساب. وتأتي هاتان الآيتان لتبينا اسوداد الوجوه و بياضها يوم الجزاء، ان الكفر و كتمان الحق في الدنيا يذهبان بنور الأيمان من وجه الأنسان حتي يبدو وجه الكافر مسوداً، وهل من بعد هذا مهانة. اما الوجوه المبيضة ومن دليل نورانية المؤمنين يوم القيامة.
ويقول تعالي في الآيتين 108 و 109 من سورة آل عمران:
تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلماً للعالمين ولله ما في السموات ومافي الأرض والي الله ترجع الأمور
تشير هاتان الايتان الي اصل مهم من اصول الدين وهو اصل العدل الألهي الذي يأتي الي جانب اصول اخري هي التوحيد والنبوة والمعاد.
وعلي اساس العدل الألهي فأن الله تعالي لا يكلف نفساً الا وسعها وانه لا يظلم احداً بدليل قوله تعالي وما ربك بظلام للعبيد
فمن يسود وجهه يوم الحساب انما يسود بسبب كفره، ومن يدخل النار انما يدخلها جزاء ما اقترفه من سئ الأعمال.
ان سبب الظلم قد يكون الجهل و قد يكون العجز والحاجة اوالأنتقام، والله تعالي شأنه مبرأ من هذه الصفات فهو جل وعلا عالم مقتدرعادل رؤوف ورحيم. ان الله تعالي ينهانا عن ظلم الاخرين فكيف يظلم هو والعياذ بالله. ان ما يمكن ان نتعلمه من هذا النص الشريف:
اولاً: ان الله تعالي مالك السموات والأرضين عادل ليس للظلم في ذاته المقدسة وجود، انه تعالي يأمر بالعدل والأحسان.
ثانياً: ان مبدأ الوجود هو من الله تعالي ونهاية الوجود كذلك بيد قدرته المباركة.
نسأل الله سبحانه وتعالي ان يحشرنا يوم القيامة مع الصالحين وحسن اولئك رفيقاً وان يجعل وجوهنا في محضر قدسه بيضاءوان يتفضل علينا بمنه و كرمه انه جواد كريم وصلي الله وسلم علي نبينا محمد واله الطيبين الطاهرين.