بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي خير خلقه واشرف بريته، سيدنا محمد وعلي آله الطيبين الطاهرين، السلام عليكم مستمعينا الكرام، اهلاً بكم في حلقة اخري من هذا البرنامج ، وفيها تفسير موجز لآيات اخري من سورة آل عمران المباركة.
يقول تعالي في الآية السابعة والسبعين من هذه السورة الشريفة:
ان الذين يشترون بعهد الله و أيمانهم ثمناً قليلاً اولئك لاخلاق لهم في الأخرة ولا يكلمهم ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم
ان الله تبارك وتعالي، ومن اجل سعادة الأنسان، في الدارين، الدنيا والآخرة، قد فتح امامه طريقين للهداية احدهما طريق العقل والفطرة التي تنبع من داخل النفس الأنسانية فتميز الخبيث من الطيب للأنسان. اما الطريق الثاني فهو طريق الوحي الألهي الذي ينبع من علم الله اللدني و يتجسد في الأحكام الشرعية المقدسة التي تأخذ بيد الأنسان خطوة فخطوة نحو الكمال.
ان تلك التوصيات الفطرية والدينية تشكل العهود الألهية التي امضاها العقل وقبلها ويكون الأنسان ازاءها مكلفاً، بيد ان الذي يؤسف له ان بعضاً من الناس قد نقضوا عهد الله بعد ان غرتهم الدنيا وراق لهم زبرجها، فساروا وراء الأهواء وقدموها علي واجبات الشرع المنور. علي ان مثل هذا السلوك المعوج له نتائجه الخسارة علي الأنسان ومنها الحرمان من لطف الله تعالي في يوم يكون الأنسان في حاجة ماسة نية الي هذا اللطف وذاك يوم الجزاء يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتي الله بقلب سليم.
ونتعلم من هذه الآية ان نقض عهد الله من بعد ميثاقه هو طريق المروق من الدين والخلود في النار ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
ويقول تعالي في الآية الثامنة والسبعين من سورة آل عمران:
وان منهم لفريقاً يلوون السنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتب وما هو من الكتب ويقولون هو من عندالله وما هو من عندالله، ويقولون علي الله الكذب وهم يعلمون
كما ذكرنا في الحلقات الماضية من هذا البرنامج فأن من اسباب انحراف الناس علي مدي التاريخ علماء السوء الذين من اجل الوصول الي مكاسب واغراض شخصية يمتنعون عن بيان الحق للناس ويحرفون الحقائق والعقائد والأفكار ويعرضونها في قالب ديني كي يتقبلها الناس.
ويأتي القرآن الكريم هذا السفر الخالد ليحذر الناس من امثال هؤلاء الذين يقترفون المعاصي ويكذبون بأسم الدين.
وعلينا ان نتعلم من هذه الآية الا نصغي لأي كلام فبعض من الكلام قد يبدو جميلاً وذا ظاهر ديني الا انه ينطلق لهدم الدين والدين منه براء. ومن هذا الآية نتعلم كذلك الحيطة والحذر من علماء السوء الذين لا تقوي لهم والذين يفترون علي الله الكذب، لعنهم الله اني يؤفكون.
ويقول تعالي في الآيتين التاسعة والسبعين والثمانين من سورة آل عمران:
ماكان لبشر ان يأتيه الله الكتاب والنبوة، ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم ان تتخذوا الملائكة والنبيين ارباباً، ايأمركم بالكفر بعد اذا انتم مسلمون
بعد ان نبه القرآن الكريم الي خطر علماء السوء تأتي هذان الآيتان لتقول لهؤلاء ان الأنبياء و الرسل المبعوثين من الله قد جاءوا بالكتب والشرائع وحكموا بالحكمة والحق انهم اي الرسل لا يدعون الألوهية لأنفسهم بل يدعون الناس الي وحدانية الله، فكيف تقومون انتم اتباع الأنبياء (ع) بتحريف احكام الله وتدّعون الربوبية من دون الله ؟! وثمة امور نستقيها من هذا النص القرآني:
اولاً: لا يجوز لاحد حتي الرسل والأنبياء (ع) استغلال مواقعهم ومناصبهم. علي ان مثل هذا العمل لا يصدر باي حال من الأحوال عن الرسل والأنبياء المكرمين لتوفر عنصر العصمة فيهم.
ثانياً: ان من لهم حق تفسير القرآن بعد النبي واله الطاهرين العلماء الربانيين الذين استأنسوا بالقرآن فتعلموه و علموه إستناداً الي تعاليم أهل بيت النبوة – عليهم السلام.
ثالثاً: الخلد في الأنبياء والأئمة والأولياء الصالحين حرام، فهؤلاء بعباداتهم وعبوديتهم قد رالوا هذه المراتب الشريفة من الكمال، فهم عبادالله المكرمون.
رابعاً: الكفر لا يعني انكار الله فقط، بل ان وضع القوانين المعارضة للشرع لون قائم و كربه من الوان الكفر.
ويقول تعالي في الآيتين الحادية و الثمانين والثانية والثمانين من سورة آل عمران:
واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال اقررتم واخذتم علي ذلك اصري قالوا اقررنا قال فأشهدوا انا معكم من الشاهدين فمن تولي بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون
الذي يستفاد من التفاسير والروايات الصحيحة ان الله تعالي قد اخذ من الأنبياء السابقين مثل موسي و عيسي (ع) العهد بالبشارة لرسول الله (ص) واعداد الأجواد للأيمان برسالة الاسلام الشريفة ولا غرو في مثل هذا، فالأنبياء (ع) جميعهم مبحوثين من قبل الله، وكتبهم يصدق بعضها بعضاً.
وان الأسلام خاتمة الرسالات السماوية حيث لا دين بعده لأنه الدين الحق ، قل جاء الحق و زهق الباطل ان الباطل كان زهوقاً، صدق الله العلي العظيم.
نسأل الله سبحانه وتعالي الهداية والرشاد و الأبتعاد عن جادة التعصب والتحريف والسير علي نهج الصالحين، انه خير ناصر ومعين والسلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله وبركاته.