الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي خيرالبرية وهاديها الي الحق سيدنا محمد بن عبدالله وعلي آله الطاهرين. اسعد الله اوقاتكم بالخير مستمعينا الكرام نبدأ برنامج هذا اليوم بتلاوة الآيتين 48 و49 من سورة آل عمران:
ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والأنجيل/ ورســـولاً الي بني اسرائيل، اني قد جئتكم بآية من ربكم، اني اخلق لكم من الطين كهيئة الطيرفانفخ فيه فيكون طيراً بأذن الله وابرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتي بأذن الله وانبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم، ان في ذلك لآية لكم ان كنتم مؤمنين
في الحلقة الماضية من هذا البرنامج ذكرنا ان ولادة عيسي (ع) كانت معجزة ألهية وان هذا النبي الكريم وعندما كان في المهد قد كلم الناس ودافع عن طهارة أمه العذراء (س) علي ان لعيسي (ع) خصائص نيرة اخري منها المعرفة والعلم. هذا وان تعليم الأنبياء واعدادهم يتم علي يد الله تعالي، وفي هذا التعليم الألهي حفظ لهم من الزلل لأنه من لوازم العصمة وعند الأنبياء والرسل (ع) بأذن الله علم الغيب بما كان وما يكون وما هو كائن. ثم انه انه لابد لكل نبي من معجزة لاثبات رسالته ونبوته. اذ في هذه المعجزة ما يطمئن قلوب الناس فيؤمنون بالرسالة وبالنبي المرسل.
كما ذكرنا انفاً ان ولادة عيسي معجزة وكلامه في المهد معجزة. بيد انه (ع) بعث في بني اسرائيل رسولاً اراءهم معاجز اخري او معجزات اخري فقد خلق عيسي (ع) من الطين طيوراً وكان يشفي المرضي ويحيي الأموات كما هو ظاهرالآيتين اللتين المتقدمتين وكان يخبرالناس عما في بيوتهم يدخرون كل ذلك بأذن الله تعالي فالخلق والعلم والغيب من صفاته تعالي غاية الأمرانه تعالي قد يجريها علي ايدي رسلهِ وانبيائه كرامة منه لهم ولا ثبات نبوتهم ولكن معجزات المسيح (ع) جعلت بعض الناس يسيئون الفهم فيرونه هو ابن الله وقد رأينا ان النصاري طرحوا عقيدة التثليث/ الأب والأبن وروح القدس/ انهم يقولون ان عيسي هو ابن الله تعالي عن ذلك علواً كبيراً انه ابن مريم (ع) وقد خلقه الله بأذنهِ ونتعلم من هذا النص القرآني الكريم:
اولاً: ان اولياء الله وبأذنه تعالي لهم مرتبةٌ من ارادة التكوين ونظام الخلقة
ثانياً: احياء الموتي في الدنيا علي ايدي العباد الصالحين يجعلنا نؤمن بأن الله تعالي في القيامة يحيي العظام وهي رميم.
ثالثاً: ينبغي الأبتعاد عن الغلو في الأنبياء والأولياء. لانهم من البشر و الغلو لاريب طريق الأنحراف نسأل الله تعالي ان ينأي بنا.
ويقول تعالي في الآية الخمسين والحادية والخمسين من سورة آل عمران:
ومصدقاً لما بين يدي من التوراة ولا حل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله واطيعون ان الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم
يستفاد من هذا النص الألهي تصديق النبي عيسي (ع) لرسالة النبي موسي (ع) الذي جاء بالتوراة لبني أسرائيل وما يمكن ان نتعلمه هنا ان الأنبياء والرسل (ع) يصدق بعضهم بعضاً نبوتهم وكتبهم من مصدر واحد هو النورالألهي الذي يضيء ظلمات الجهل ويهدي الناس الي الصراط المستقيم وللأنبياء (ع) الولايتين التكوينية والتشريعية وفي اطارالثانية يتم وضع القوانين والأحكام التي تسيرحياة الأنسان وتأخذ بيده الي جادة الخير.
ويقول تعالي في الآيتين الثانية والخمسين والثالثة والخمسين من سورة آل عمران المباركة:
فلما احس عيسي منهم الكفرقال من انصاري الي الله، قال الحواريون نحن انصارالله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون/ ربنا آمنا بما انزلت واتبعنا الرسول فأكتبنا مع الشاهدين
مع كل ما جاء به عيسي (ع) من معجزات الهية فأن كثيراً من بني أسرائيل قد كفروا به. لم يؤمن بهذا النبي العظيم في زمن دعوته ألا نفر قليل اسماهم القرآن الكريم بالحواريين، والحواريون هم من خالف الطريق المعوجة وسلك للحق سبيلاً وتدلنا هاتان الآيتان علي المفاهيم التالية:
اولاً: من وظائف الأنبياء (ع) التعرف علي المؤمنين والأوفياء للدين.
ثانياً: دعوة الأنبياء (ع) ليست لأنفسهم انها لله تعالي حيث نري ان عيسي (ع) يقول من انصاري الي الله.
ثالثاً: من بعد مرحلة الأيمان، تأتي مرحلة التسليم لله تعالي اي طاعة تعالي وطاعة انبيائه ورســـله.
نسأل الله ان يجعلنا من السائرين علي هدي النبوة ونبراس الرسالة وان يحشرنا يوم القيامة في زمرة الأنبياء والمرسلين والشهداء والصديقين وحسن اولئك رفيقاً والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.