بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين. السلام عليكم مستمعينا الكرام في كل مكان واهلا بكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج القرآني، حيث نبتدأ بتفسير للآيتين الثامنة والتاسعة من سورة آل عمران بعد أن نصغي لتلاوتهما بصوت القارئ الأستاذ برهيزكار:
ربنا لا تزغ قلوبنا.......... إن الله لا يخلف الميعاد.
نعم مستمعينا الأفاضل، العلماء في قبال آيات القرآن الكريم على فريقين؛ فريق منحرف كان يجري وراء تحريف آيات القرآن ويفسرها فيما تشتهي الأنفس والأهواء.
أما الفريق الثاني؛ فهو الذي وصل الى مراتب العلم الحقيقي وتعمق في المعرفة، يسلم أمره لله تعالى ويتبع أوامره ويتجنب نواهيه، يعي حقائق ذكر الحكيم ويبينها للناس. لكن الإنسان مهما كان يكون عرضة للإنحراف، ومن هنا فإن الصالحين وكما هو منطوق الآية، يدعون الله أن يقيهم شر الإنحراف عن جادة الصواب على رغم ما عندهم من علم وايمان.
إن مثل هؤلاء الأتقياء يرون على الدوام القيامة حاضرة أمام أعينهم ويعلمون أن عليهم المثول في يوم الجزاء أمام محكمة العدل الإلهي، حيث يثاب المطيع ويجازى العاصي من دون أن يخلف الله وعده، فالذي يخلف الوعد إنما يفعل ذلك نسيانا أو ندما أو لعجز أو لخوف فيه والله تبارك أسماؤه وجلّت قدرته، منزه عن كل ذلك، وتعلمنا هاتان الآيتان إن على الإنسان أن لا يغتر بعلمه أو ايمانه، فمن العلماء من خان الآخرين بدلا من خدمتهم، ومن المؤمنين من كانت عاقبته الكفر وعاقبة السوء، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ويقول تعالى في الآيات العاشرة والحادية عشر والثانية عشر من سورة آل عمران المباركة: أما الذين كفروا لن تغني عنهم..............بئس المهاد.
نعم أعزائي المستمعين، توجه هذه الآيات خطابها للمسلمين وتقول لهم لا تتعجبوا من مكنة الكفار وأموالهم، فهذه إنما لهم في الدنيا لا تغنيهم عن شيء، إنهم في النار خالدون، فهم حاطبها المشتعل، وتذكر هذه الآيات المسلمين بأن الكفر ليس في زمانهم فقط، إنه في كل مكان، ولقد سبق الإسلام من الكفر بأديان الله ورسله، لكن إن للكافرين في كل زمان ومكان أن يطمس معالم الحق الوضاء ومن اولئك الكافرين، فرعون الذي لم تنفعه قدرته وباء بغضب من الله وساء به المصير، وفي الآية الثانية عشر إخبار إلهي وبشارة ربانية من أن الهزيمة ستلحق الكافرين وأن النصر حليف المسلمين والحمد لله رب العالمين.
وفي هذا الكلام الساطع الدروس العديدة ومنها أولا: التحرر من قيود المال والثروة والأولاد. ثانيا: الكفر والعمل الباطل يحولان الإنسان الى جماد، فيضحى لجهنم حطبا ويمسي في سقر من الخالدين، نعوذ بالله العلي العظيم. ثالثا: إرتكاب الإثم عمل سيء والأسوأ منه ركوب مطية الإثم على الدوام. ورابعا: الكفر مهزوم لا محالة والنصر للإيمان لا ريب، هكذا اقتضت سنة الله في خلقه تبارك اسمه.
مستمعينا الأكارم؛ مازلتم تستمعون الى برنامج نهج الحياة يقدم لحضراتكم من إذاعة طهران، صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
يقول تعالى في الآية الثالثة عشر من سورة آل عمران:
قد كان لكم آية في فئتين..............الأبصار.
نعم مستمعينا الكرام؛ في مكة المكرمة وامتثالا لأمر ربه بأن يصدع بما يؤمر ويعرض عن المشركين، جهر النبي (ص) بدعوته المباركة وبقي في أم القرى ومن حوله المسلمون ثلاثة عشر عاما من بعثته المقدسة.
ولما رام مشركوا مكة قتل رسول الله (ص) خرج –عليه الصلاة وآله- الى يثرب وتبعه المسلمون اليها، فأصبحت بقدومه الوضاء، المدينة المنورة، ودار هجرة المصطفى المختار، خاتم الرسل والأنبياء عليهم السلام.
وفي السنة الثانية للهجرة، وقعت معركة بدر، كان عدد المسلمين فيها ثلاثمئة وثلاثة عشر شخصاً والكفار ألف، ومنّ الله بنصره فيه على المسلمين الذين هزموا الكفار بعد أن قتلوا منهم سبعيناً وأسّروا سبعين آخرين؛ وفي هذه الآية درس بالغ وهو أن فئة القليلة تغلب فئة الكثيرة بإذن الله تعالى عندما تكون على الحق وأن الناس لا ينبغي أن تغرهم الكثرة ولا يستوحش من القلة؛ ومن دروس هذه الآية، عزيزي المستمع:
أولا: الحرب في الإسلام هي من أجل الله وللدفاع عن دينه تبارك وتعالى، لا من أجل التسلط والفتح وعرض التقوى.
ثانيا: إلقاء الرعب والخوف في قلوب الأعداء من الإمدادات الإلهية.
ثالثا: ما يمر بالإنسان من أحداث فيها عبر ودروس وإنما يعتبر اولوا الأبصار.
مستمعينا الكرام؛ من إذاعة طهران، صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، قدمنا لحضراتكم حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة، نسأل الله أن ينور قلوبنا بنور بصائره لنعي الحقيقة كما هي ونقتفي سبيل دينه القويم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.