البث المباشر

تفسير موجز للأيات 283 حتى 286 من سورة البقرة

الأحد 26 يناير 2020 - 11:04 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 73

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله آل الله. أسعد الله أوقاتكم بكل خير، حضرات المستمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة وتفسير موجز لآخر آيات سورة البقرة، أطول سور الذكر الحكيم، تستمعون اليها دائما بصوت القارئ الأستاذ برهيزكار، كونوا معنا بعد هذا الفاصل.

 

أعزائنا المستمعين؛ يقول الباري تعالى في الآية الثالثة والثمانين بعد المئتين من سورة البقرة:

وإن كنتم.................عليم.

كما ذكرنا في الحلقة الماضية من هذا البرنامج، أعزائي المستمعين، فإن الإسلام أوصى بالأشهاد في المعاملات المالية غير النقدية والقروض ضمانا لحقوق الطرفين المتعاملين على أن اهتمام الدين الحنيف بهذا الأمر هو الى الحد الذي يوصي معه بالأشهاد على المعاملات حتى حين السفر والترحال وقد أوجد طريقا آخر للضمان هنا وهو قبض الرهن في حال عدم كتابة الدين لعدم وجود الكاتب، لكن الرهان المقبوضة هي أمانة عند من كانت عنده ولابد أن يؤديها الى صاحبها متى ما استوجب الرد حسب الأصول الشرعية، وإذا كان من واجب الدائن أن لا يفرط في الأمانة فإن على المدين كذلك رد الدين في وقته المحدد والمتفق عليه، وتعلمنا هذه الآية الشريفة اولا: لزوم تقييد المعاملات غير النقدية بالكتابة والشهود والرهان وقد وردت في الشرع الشريف أحكام بهذا الخصوص موجودة في الكتب الفقهية. ثانيا: لزوم الحفاظ على الأمن الإقتصادي في المجتمع من خلال أداء الديون في أوقاتها وحسب استحقاقاتها.

 

يقول تعالى في الآية الرابعة والثمانين بعد المئتين من سورة البقرة المباركة:

لله............... قدير.

أعزائي المستمعين، في هذه الآية المباركة تحذير من أن المعاصي ليست ما يرتكب بالجوارح كالعين والأذن واللسان وما إليها فحسب، ذلك أن الله تعالى يعلم ما تضمر الصدور وما تخفي القلوب، وإنه تبارك وتعالى يحاسب على المعاصي الخفية كذلك، ومن هذه المعاصي العقائد الفاسدة والكفر وكتمان حقوق الناس، لكن إذا ما خضع الإنسان _لا قدر الله_ لوسوسة الشيطان وهم بارتكاب إثما ولم يفعله، فإن الله لا يؤاخذه على أنه لابد من القول أن التفكير في المعصية فيه ظلام القلوب، فما أجدر بالإنسان المؤمن ألّا يدنوا المعصية حتى في فكره، إذاً علينا أن نراقب أنفسنا ونهذبها بصالح الأخلاق والفضائل.

 

مستمعينا الكرام، مازلتم تستمعون الى برنامج نهج الحياة يقدم لحضراتكم من إذاعة طهران، صوت الجمهورية الإسلامية في ايران؛ ويقول تعالى في الآية الخامسة والثمانين بعد المئتين من سورة البقرة المباركة:

آمن الرسول ........ المصير.

نعم أعزائي المستمعين؛ من وجهة نظر الدين الإسلامي المقدس فإن العالم بمثابة مدرسة لتهذيب البشرية، ومعلمو هذه المدرسة، الأنبياء والرسل العظام الذين هم على اتصال بالوحي الإلهي، يبلغون رسالة السماء الى الإنسانية وفيها نور ورحمة للعالمين. وقد بعث الله تبارك وتعالى من لدنه مئة وأربعة وعشرين ألف نبي ورسول، أولهم آدم (ع) وآخرهم وأفضلهم سيد الأنام وفخر الكائنات سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا محمد بن عبد الله (ص)، رسالته خاتمة الرسالات، دينه خاتم الأديان وإنه لا نبي من بعده (ص)، كيف لا؟ وهو رحمة للعالمين وأهل بيته الطاهرون، سفن النجاة من الهلكات ويجب على كل مسلم في عقيدته، الإيمان بكافة الأنبياء والرسل الربانيين من دون فرق بين نبي وآخر، وبودّنا أن نسجل أعزائنا المستمعين، بيتين من الشعر للبوصيري حيث يقول في رسول الله (ص) وسائر الأنبياء (عليهم السلام):

فاق النبيين في خَلق وفي خُلق ولم يدانوه في علم ولا كرم

وكلهم من رسول الله ملتمس غرفا من البحر أو رشفا من الديم

 

وفي آخر آية من سورة البقرة يقول تعالى وهو أصدق القائلين:

لا يكلف....................... الكافرين؛

نعم مستمعينا الأفاضل، لقد خلق الله تعالى الناس أشتاتا وهذا الإختلاف في الخلق إنما هو لحكمه الإلهية يعرفها الباري تعالى وهو الخبير، وتشير هذه الآية الى أهم صفات الذات الإلهية المقدسة وهي العدل، والله تعالى بعدله لايكلف إنسانا فوق طاقته وإنه تعالى يغفر للإنسان بعدله خطاياه، لكن فوق مرتبة العدل هناك الفضل الإلهي، نسأل الله تعالى أن يعاملنا بعدله وفضله، إنه الجواد الكريم.

وتعلمنا هذه الآية أعزائي المستمعين:

أولا: أن الإسلام دين سمح يسر ولذلك روي عن الرسول الأكرم (ص) قوله: (بعثت بالحنيفية البيضاء).

ثانياً: الجزاء والعقاب على أساس العمل وأن الله غفور رحيم.

ثالثا: الله تعالى لطيف رحيم وغفور للعباد ومن تاب، شمله لطف الله ورحمته وغفرانه.

 

حضرات المستمعين من إذاعة طهران، صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، قدمنا لحضراتكم برنامج نهج الحياة؛ وبإنتهاء هذه الحلقة انتهينا من تفسير سورة البقرة وسورة الحمد من قبلها، نسأل الله تعالى القبول والتوفيق لتفسير السور التالية من ذكر الحكيم، إنه ذو النعماء والجود والمن والكرم، نسألكم الدعاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة