بسم الله والحمد لله الذي جعلنا من أمة وشيعة سيد الأنبياء وآله سادة الأوصياء صلوات الله عليه وعليهم كل صبح ومساء.
- تحية مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم مع تجليات الرحمة الإلهية التي نشرها نبي الرحمة صلى الله عليه وآله.
- أيها الأفاضل، الوفاء للمحسن ومجازاة إحسانه بالجزيل هي من مكارم الأخلاق الإلهية التي نشهد كثيراً من مصاديقها السيرة النبوية المعطاء.
- نعطر أرواحنا بذكر بعض نماذجها، الأول ما جاء على لسان مولانا الإمام علي بن الحسين زين العابدين وهو عليه السلام يتحدث عن رواية هجرة النبي الأكرم وفيها يتجلى الوفاء المحمدي في رفض الدخول الى المدينة المنورة إلا مع من وقاه بنفسه، قال الإمام السجاد عليه السلام في الحديث المروي عنه في كتاب الكافي:
- هَاجَرَ رَسُولُ اللَّه ص إِلَى الْمَدِينَةِ وخَلَّفَ عَلِيّاً ع فِي أُمُورٍ لَمْ يَكُنْ يَقُومُ بِهَا أَحَدٌ غَيْرُه وكَانَ خُرُوجُ رَسُولِ اللَّه ص مِنْ مَكَّةَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ وذَلِكَ يَوْمُ الْخَمِيسِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنَ الْمَبْعَثِ وقَدِمَ الْمَدِينَةَ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ مَعَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَنَزَلَ بِقُبَا فَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ والْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ.
- ثم قال الإمام السجاد عليه السلام: ا ثُمَّ لَمْ يَزَلْ مُقِيماً يَنْتَظِرُ عَلِيّاً ع يُصَلِّي الْخَمْسَ صَلَوَاتٍ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وكَانَ نَازِلاً عَلَى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْماً يَقُولُونَ لَه أتُقِيمُ عِنْدَنَا فَنَتَّخِذَ لَكَ مَنْزِلاً ومَسْجِداً فَيَقُولُ لَا إِنِّي أَنْتَظِرُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وقَدْ أَمَرْتُه أَنْ يَلْحَقَنِي ولَسْتُ مُسْتَوْطِناً مَنْزِلاً حَتَّى يَقْدَمَ عَلِيٌّ ومَا أَسْرَعَه إِنْ شَاءَ اللَّه.
- أيها الإخوة والأخوات ويؤكد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله هذا الوفاء الجميل مرة أخرى لمن هاجر بعدما أكده لما إستقبله من الأنصار.
- جاء في تتمة الرواية: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ - لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّه ص حِينَ أَقْبَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَيْنَ فَارَقَه.
- فَقَالَ عليه السلام: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّه ص إِلَى قُبَا فَنَزَلَ بِهِمْ يَنْتَظِرُ قُدُومَ عَلِيٍّ ع فَقَالَ لَه أَبُو بَكْرٍ انْهَضْ بِنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَإِنَّ الْقَوْمَ قَدْ فَرِحُوا بِقُدُومِكَ وهُمْ يَسْتَرِيثُونَ إِقْبَالَكَ إِلَيْهِمْ فَانْطَلِقْ بِنَا ولَا تَقُمْ هَاهُنَا تَنْتَظِرُ عَلِيّاً فَمَا أَظُنُّه يَقْدَمُ عَلَيْكَ إِلَى شَهْرٍ.
- فَقَالَ لَه رَسُولُ اللَّه ص كَلَّا مَا أَسْرَعَه ولَسْتُ أَرِيمُ – أي غادر المكان - حَتَّى يَقْدَمَ ابْنُ عَمِّي وأَخِي فِي اللَّه عَزَّ وجَلَّ وأَحَبُّ أَهْلِ بَيْتِي إِلَيَّ فَقَدْ وَقَانِي بِنَفْسِه مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
- وتستمر مظاهر هذا الوفاء المحمدي الكريم بعد مجيء وصيه المرتضى عليه السلام الى قباء حيث جعله معه في دخول المدينة فقط وفي المنزل الذي نزله أيضاً، قال الإمام السجاد عليه السلام:
- فَقَدِمَ عَلِيٌّ ع والنَّبِيُّ ص فِي بَيْتِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَنَزَلَ مَعَه ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّه ص لَمَّا قَدِمَ عَلَيْه عَلِيٌّ ع تَحَوَّلَ مِنْ قُبَا إِلَى بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ وعَلِيٌّ ع مَعَه يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَخَطَّ لَهُمْ مَسْجِداً ونَصَبَ قِبْلَتَه فَصَلَّى بِهِمْ فِيه الْجُمُعَةَ رَكْعَتَيْنِ وخَطَبَ خُطْبَتَيْنِ.
- وقال عليه السلام: ثُمَّ رَاحَ مِنْ يَوْمِه إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى نَاقَتِه الَّتِي كَانَ قَدِمَ عَلَيْهَا وعَلِيٌّ ع مَعَه لَا يُفَارِقُه يَمْشِي بِمَشْيِه ولَيْسَ يَمُرُّ رَسُولُ اللَّه ص بِبَطْنٍ مِنْ بُطُونِ الأَنْصَارِ إِلَّا قَامُوا إِلَيْه يَسْأَلُونَه أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِمْ.
- فَيَقُولُ لَهُمْ خَلُّوا سَبِيلَ النَّاقَةِ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ فَانْطَلَقَتْ بِه ورَسُولُ اللَّه ص وَاضِعٌ لَهَا زِمَامَهَا حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَرَى فَوَقَفَتْ عِنْدَه وبَرَكَتْ ووَضَعَتْ جِرَانَهَا عَلَى الأَرْضِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّه ص وأَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ مُبَادِراً حَتَّى احْتَمَلَ رَحْلَه فَأَدْخَلَه مَنْزِلَه ونَزَلَ رَسُولُ اللَّه ص وعَلِيٌّ ع مَعَه حَتَّى بُنِيَ لَه مَسْجِدُه بُنِيَتْ لَه مَسَاكِنُه ومَنْزِلُ عَلِيٍّ ع فَتَحَوَّلَا إِلَى مَنَازِلِهِمَا.
- ونختم اللقاء بكرامة لنبي الرحمة فور دخوله بيت أبي أيوب الأنصاري أظهر بها رحمة الله بمن إشتاق لرؤية طلعة نبيه الأكرم صلى الله عليه وآله، جاء في كتاب المناقب عن سلمان المحمدي، قال:
- لما قدم النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة تعلق الناس بزمام الناقة فقال النبي : يا قوم دعوا الناقة فهي مأمورة فعلى باب من بركت فأنا عنده ، فأطلقوا زمامها وهي تهف في السير حتى دخلت المدينة فبركت على باب أبي أيوب الأنصاري ولم يكن في المدينة أفقر منه.
- قال سلمان: فانطلقت قلوب الناس حسرة على مفارقة النبي صلى الله عليه وآله فنادى أبو أيوب يا أماه افتحي الباب فقد قدم سيد البشر وأكرم ربيعة ومضر محمد المصطفى والرسول المجتبى ، فخرجت وفتحت الباب وكانت عمياء.
- فقالت : وا حسرتا ليت كان لي عينأبصر بها إلى وجه سيدي رسول الله ، فكان أول معجزة النبي صلى الله عليه وآله في المدينة انه وضع كفه على وجه أم أبي أيوب فانفتحت عيناها.
- تقبل الله منكم أيها الإخوة والأخوات جميل المتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم نبي الرحمة قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- شكراً لكم وفي أمان الله.