بسم الله والحمد لله الذي هدانا لحب التأسي والإقتداء بالمصطفى سيد الأنبياء الهادي المختار صلوات الله وتحياته وبركاته عليه وآله الأطهار.
- السلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الله وبركاته.
- أطيب التحيات نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج نتعرف فيه إلى مصاديق أخرى من تجليات الرحمة الإلهية في مولانا ومقتدانا الحبيب محمد صلى الله عليه وآله.
- أيها الأفاضل، صنف علماء المسلمين من مختلف المذاهب كتباً عديدة جمعوا فيها روايات المعاجز التي أظهرها الله عزوجل للعالمين على يد نبيه الأعظم صلى الله عليه وآله.
- وعندما نتأمل في هذه الروايات نجد أن كثيراً من هذه المعاجز والكرامات تشتمل على لطيف الرحمة النبوية بالعباد، وهذا ما نشهده في النماذج الثلاثة التي إخترناها لهذا اللقاء من كرامات سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله.
- نبدأ أولاً مستمعينا الأكارم برواية وليمة جابر بن عبدالله الأنصاري في أيام حفر الخندق لرد حرب الأحزاب؛ وهي رواية مشهورة رويت بأسانيد كثيرة من طرق مختلف المذاهب الإسلامية، نلخصها بما روي عن هذا الصحابي الجليل، كما في رواية الواقدي في كتاب المغازي وغيره من المؤرخين طبق ما جاء في كتاب جواهر التاريخ.
- قال جابر : رأيت رسول الله « صلى الله عليه وآله » يحفر ورأيته خميصاً ، فاستأذنته وذهبت إلى بيتي واتفقت مع زوجتي سهيلة بنت مسعود الأنصارية ، أن تصلح ما عندهما وهو مد من شعير وشاة غير سمينة ، ثم ندعو النبي « صلى الله عليه وآله » إلى الطعام.
- ثم عاد جابر إلى الخندق ودعا النبي للطعام، فسأله النبي «صلى الله عليه وآله» عما عنده فأخبره . فقال « صلى الله عليه وآله » كثير طيب ، ثم دعا صلى الله عليه وآله أهل الخندق جميعاً وقال لهم : إن جابراً قد صنع لهم سوراً فأقبلوا معه !
- قال جابر : فقلت : والله إنها الفضيحة ! فأتيت المرأة فقلت لها قد جاءك رسول الله وأصحابه أجمعون ! فقالت : يا جابر أنت دعوتهم أو هو دعاهم ؟ فقلت : بل هو صلى الله عليه وآله دعاهم قالت : دعهم هو أعلم !
- وروي أنهم كانوا ألفاً ! فأقبل « صلى الله عليه وآله » وأمر أصحابه عشرة عشرة قال : إغرفوا وغطوا البرمة – أي لحم الشاة -، وأخرجوا من التنور الخبز ثم غطوه.
- ففعلوا فجعلوا يغرفون ثم يغطون البرمة ، ثم يفتحونها فلا يرون أنها نقصت شيئاً ، ويخرجون الخبز من التنور ، ثم يغطونه فما يرونه ينقص شيئاً !
- فأكل الجميع حتى شبعوا وقال « صلى الله عليه وآله » : كلوا واهدوا فإن الناس أصابتهم مجاعة شديدة.
- قال جابر: فأكلنا وأهدينا فلما خرج رسول الله « صلى الله عليه وآله » ذهب ذلك » .
- ولنا عودة إلى الصحابي الجليل جابر الأنصاري في رواية قضاء دين والده، تأتيكم في حلقة مقبلة؛ أما الآن فننقل الكرامة المحمدية التالية المروية في عديد من الكتب ككشف الغمة في معرفة الأئمة والإحتجاج للطبرسي والثاقب في المناقب لإبن حمزة وغيرها، وفيها جميل التعبير عن الرأفة المحمدية بأحد المسلمين وزوجته؛ قال علي بن عيسى الأربلي في كتاب كشف الغمة:
- « أصيبت يومئذ – أي في معركة أحد - عين قتادة بن النعمان حتى وقعت على وجنته ، قال قتادة بن النعمان: فجئت إلى النبي « صلى الله عليه وآله » فقلت : يا رسول الله إن زوجتي امرأة شابة أحبها وتحبني ، وأنا أخشى أن تقذر مكان عيني !
- قال قتادة: فأخذها رسول الله « صلى الله عليه وآله » فردها فأبصرت وعادت كما كانت.
- قال الراوي: ولم تؤلمه ساعة من ليل أو نهار ، فكان يقول بعد أن أسن: هي أقوى عينيَّ ، وكانت أحسنهما »
- وقد كان لهذه الكرامة وجميل تعبيرها عن الرحمة المحمدية لطيف الأثر في قلوب الأنصار فخلد ذكرها شعراؤهم، جاء في كتاب المناقب للحافظ الجليل جعفر محمد بن شهر آشوب الحلبي المازندراني:
- وفقئت في أحد عين قتادة بن النعمان الأنصاري فقال يا رسول الله الغوث الغوث ، فأخذها – صلى الله عليه وآله - بيده فردها مكانها فكانت أصحهما وكانت تعتل الباقية ولا تعتل المردودة ، فلقب قتادة ذا العينين أي له عينان مكان الواحدة ، فقال الخرنق الأوسي الأنصاري مفتخراً:
-
ومنا الذي سالت على الخد عينه
فردت بكف المصطفى أحسن الرد
فعادت كما كانت لأحسن حالها
فيا طيب ما عين ويا طيب ما يد
- ختاماً نشكركم مستمعينا الأطائب على طيب المتابعة لحلقة اليوم من برنامج (نبي الرحمة) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- لكم منا خالص الدعوات، دمتم في أمان الله.