بسم الله والحمد لله الذي جعلنا من شيعة سيد النبيين حبيبنا محمد الأمين وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله وتحياته وبركاته عليهم أجمعين.
- السلام عليكم أعزاءنا المستمعين ورحمة الله وبركاته.
- تحية طيبة نقدمها لكم شاكرين لكم سلفاً طيب الإستماع لحلقة اليوم من هذا البرنامج.
- روى المؤرخون أنه من خلق الإمام السجاد زين العابدين عليه السلام أنه لم يرد سائلاً قط، وقد ذكر الفرزدق هذا الخلق الكريم في قصيدته الغراء التي مدحه به في واقعة إنكار الطاغية الأموي هشام بن عبدالملك إحتفاء الناس بالإمام عندما جاء يستلم الحجر الأسود في الطواف، فكان مما قاله الفرزدق في هذه القصيدة:
-
هذا الذي أحمد المختار والده صلى
عليه إلاهي ما جرى القلم
إذا رأته قريش قال قائلها
الى مكارم هذا ينتهي الكرم
ما قال لا قط إلا في تشهده
لو لا التشهد كانت لاءه نعم
مشتقة من رسول الله نبعته
حلو الشمائل تحلو عنده نعم
- والإمام السجاد عليه السلام يحكي في هذا الخلق أخلاق جده نبي الرحمة – صلى الله عليه وآله – الذي عرف بأنه ما رد سائلاً قط كما ورد في حديث الإمام الصادق عليه السلام أنه قال:
- "ما منع رسول الله – صلى الله عليه وآله – سائلاً قط، إن كان عنده أعطى وإلا قال: يأتي به الله"
- وهذا الخلق كاشف عن غاية الرحمة بالعباد، نستنير ببعض تجلياته في السيرة المحمدية المعطاء، فتابعونا على بركة الله..
- روي في كتاب المحاسن للبرقي، والكافي للكليني ومكارم الأخلاق للطبرسي وغيرهم مسنداً عن الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – قال:
- مرت إمرأة بدوية برسول الله صلى الله عليه وآله وهو يأكل وهو جالس على حصير، فقالت: يا محمد والله إنك لتأكل أكل العبد، وتجلس جلوسه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: وأي عيد أعبد مني؟ قالت: فناولني لقمة من طعامك، فناولها، فقالت: لا والله إلا التي في فمك، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وآله اللقمة من فمه فناولها، فأكلتها.
- قال أبوعبدالله الإمام الصادق عليه السلام: فما أصابها داء حتى فارقت الدنيا.
- وإضافة الى رحمة نبي الرحمة بهذه البدوية في استجابة طلبها الغريب، أفاض الله رحمة ثانية عليها كرامة لنبيه صلى الله عليه وآله.
- أجل فقد جعل في هذه اللقمة التي مست فم نبي الرحمة صلى الله عليه وآله شفاء إعجازياً لها ووقاية رحمانية لها من كل داء حتى توفاها الله عزوجل.
- وقد جاء في بعض روايات هذه الواقعة أن هذه البدوية كانت تعاني من سلاطة اللسان ومواجهة الآخرين بكلام خشن وسيء، فتوسلت بأخذ اللقمة من فم نبي الرحمة – صلى الله عليه وآله – لكي يطيب كلامها.
- فاستجاب لها وطاب كلامها بعدما أكلت تلك اللقمة المباركة فصارت لا تتكلم إلا بأطيب الكلمات وأعفها، فصلى الله على المبعوث بمعجزة أطيب الكلام القرآن الكريم.
- أيها الإخوة والأخوات، ومن جميل تجليات خلق عدم رد السائل في نبي الرحمة صلى الله عليه وآله ما رواه ثقة الإسلام الكليني بسنده عن بحر السقاء وهو من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام.
- قال بحر: قال لي أبوعبدالله الصادق عليه السلام: يا بحر حسن الخلق يسر، ثم قال: ألا أخبرك بحديث ما هو في يدي أحد من أهل المدينة؟ قلت: بلى يا ابن رسول الله، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم جالس في المسجد إذ جاءت جارية لبعض الأنصار وهو قائم، فأخذت بطرف ثوبه، فقام لها النبي صلى الله عليه وآله فلم تقل: شيئاً، ولم يقل لها النبي صلى الله عليه وآله شيئاً، حتى فعلت ذلك ثلاث مرات، فقام لها النبي صلى الله عليه وآله في الرابعة وهي خلفه، فأخذت هدبة من ثوبه ثم رجعت.
- قال الصادق عليه السلام، فقال لها الناس: فعل الله بك وفعل حبست رسول الله ثلاث مرات لا تقولين له شيئاً، ولا هو يقول لك شيئاً، ما كانت حاجتك إليه؟ قالت: إن لنا مريضاً فأرسلني أهلي لآخذ هدبة من ثوبه ليستشفي بها، فلما أردت أخذها رآني فقام، فاستحييت أن آخذها وهو يراني، وأكره أن استأمره في أخذها فأخذتها في الرابعة.
- والإستشفاء برسول الله هو من ينابيع الرحمة التي جعلها الله فيه صلى الله عليه وآله إنعاشاً لقلبه لعظيم رحمته ورأفته صلى الله عليه وآله بالخلق.
- أجل فهو – صلى الله عليه وآله – الذي خصه الله من بين جميع أنبيائه بإسمين من أسمائه المباركة أي الرؤوف الرحيم، ولم يجتمع هذان الأسمان في غيره صلى الله عليه وآله.
- فقد مدحه بهما في آخر سورة براءة حيث قال عز من قائل: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم).
- وبهذه الآية المباركة نختم أيها الأكارم نختم أيها الأكارم هذه الحلقة من برنامج (نبي الرحمة) إستمعتم لها مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- دمتم في أمان الله سالمين والحمد لله رب العالمين.