بسم الله والحمد لله أرحم الراحمين والصلاة والسلام على حبيبه النبي المبعوث رحمة للعالمين سيدنا المصطفى الأمجد أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم أعزاءنا المستمعين ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج لنرسخ في قلوبنا حب صاحب الخلق العظيم من خلال الإستنارة بتجليات الرحمة الإلهية في سيرته المعطاء – صلى الله عليه وآله -.
ومن هذه التجليات – مستمعينا الأفاضل – مداراة الناس والرفق بهم ورعاية أحوالهم واجتناب العنف في التعامل معهم حتى إذا تعاملوا هم بعنف معه – صلى الله عليه وآله – وقد إخترنا نموذجين لهذه الروايات من السيرة النبوية التي رواها أئمة عترته الطاهرة وهم عليهم السلام أعرف الخلق بسيرة عميدهم المصطفى والمتخلقون بأخلاقه وهداة الخلق الى الإقتداء والتأسي به – صلى الله عليه وآله.
مستمعينا الأطائب، الرواية الأولى رواها الشيخ الصدوق – رضوان الله عليه – في كتاب الأمالي مسندة عن الإمام موسى الكاظم عن أبيه الصادق عن آبائه عن أميرالمؤمنين علي المرتضى عليهم جميعاً الصلاة والسلام، قال: ((إن يهوديا كان له على رسول الله صلى الله عليه وآله دنانير فتقاضاه فقال له صلى الله عليه وآله : يا يهودي ما عندي ما أعطيك فقال : فإني لا أفارقك يا محمد حتى تقضيني ، فقال : إذا أجلس معك ، فجلس معه حتى صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة ، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يتهددونه ويتواعدونه ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إليهم فقال: ما الذي تصنعون به ؟ فقالوا يا رسول الله يهودي يحبسك ؟ فقال صلى الله عليه وآله : لم يبعثني ربي عز وجل بأن أظلم معاهدا ولا غيره ، فلما علا النهار قال اليهودي : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وشطر مالي في سبيل الله ، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة ، فإني قرأت نعتك في التوراة: محمد بن عبد الله مولده بمكة ومهاجره بطيبة ، وليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب ، ولا متزين بالفحش ، ولا قول الخناء ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهذا مالي ، فاحكم فيه بما أنزل الله ، وكان اليهودي كثير المال)).
وكما تلاحظون أيها الإخوة والأخوات، فإن رفق نبي الرحمة بهذا الرجل اليهودي ومداراته – صلى الله عليه وآله – له وهو يحبسه في الطريق طلباً لدينه ورفضه لمنهج العنف في التعامل مع هذا اليهودي الذي سعى بعض الصحابة لإنتهاجه؛ كل ذلك أثمر إنتقال اليهودي الى نور الإسلام وتسليمه لحكم نبي الرحمة – صلى الله عليه وآله -.
مستمعينا الأعزاء، أما الرواية الثانية ففيها لطافة روح المداراة المحمدية مقرونة بالكرم النبوي، يحدثنا عنها مولانا الإمام محمد الباقر – عليه السلام – في النص الذي رواه عنه الشيخ أبو جعفر الحميري – رضوان الله عليه – في كتاب قرب الإسناد، قال – عليه السلام -:
((جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله سائل يسأله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : هل من أحد عنده سلف ؟ فقام رجل من الأنصار من بني الجبلي فقال : عندي يا رسول الله ، قال : فأعط هذا السائل أربعة أوساق تمر ، قال : فأعطاه ، قال : ثم جاء الأنصاري بعد إلى النبي صلى الله عليه وآله يتقاضاه فقال له : يكون إن شاء الله ثم عاد إليه فقال : يكون إن شاء الله ، ثم عاد إليه الثالثة فقال :يكون إنشاء الله ، فقال : قد أكثرت يا رسول الله من قول : يكون إن شاء الله ، قال: فضحك رسول الله ، وقال : هل من رجل عنده سلف ؟ قال : فقام رجل فقال له : عندي يا رسول الله ، قال : وكم عندك ؟ قال : ما شئت ، قال : فأعط هذا ثمانية أوسق من تمر ، فقال الأنصاري : إنما لي أربعة يا رسول الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : وأربعة أيضا.))
وبهذا نصل – مستمعينا الأكارم – الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم نبي الرحمة قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين والحمد لله رب العالمين.