بسم الله والحمد لله الذي جعلنا من أمة سيد خلقه نبي الرحمة المرسل بالرحمة الكبرى للعالمين حبيبنا محمد المصطفى – صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين -.
السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله على بركة الله نلتقكيم في أولى حلقات هذا البرنامج وهدفنا فيه ترسيخ حبنا لحبيب الله الأكرم ونبيه الأعظم الهادي المختار صلوات الله عليه وآله الأطهار.
نسعى لذلك من خلال التأمل في روايات سيرته الغراء من زاوية رؤية تجليات رحمة الله فيها وهي بكل مفرداتها مفعمة بأسمى مصاديق الرحمة الإلهية؛ ومما لا شك فيه أن رؤية جماليات هذه الرحمة المعطاء تنعش القلوب بالمزيد من حب سيد الرسل ومن حبه – صلى الله عليه وآله – تتفتح أزهار حب الله ربه الأعلى وأرحم الراحمين تبارك وتعالى، وفي ذلك الأفق المبين لبلوغ المؤمن أسمى معارج السير والسلوك إليه جل جلاله.
وإضافة لهذا الهدف المحوري وثمرته اليانعة فإن في التأمل في تجليات الرحمة الإلهية في السيرة المحمدية المباركة ثمرة بلوغ مرتبة أعلى في معرفة أشرف الكائنات – صلى الله عليه وآله – وبالتالي التعرف على خلفائه الصادقين والنجاة بالتالي من فتن أدعياء السير على منهاجه أو إحياء الخلافة على منهاج النبوة. وهذه فتن يعج بها عالمنا المعاصر وجل الذين تصطادهم شباكهم هم من الذين لم يعرفوا نبي الرحمة بالصورة التي دلتنا إليه سيرته – صلى الله عليه وآله – ولذلك لم يتورعو عن ارتكاب أبشع الممارسات المضادة للرحمة النبوية تحت شعار إحياء منهاج النبوة وهذا من أوضح مصاديق تلبيس إبليس عليه لعائن الله الى يوم الدين.
مستمعينا الأفاضل، طلب النبي الأكرم الشفاعة من الله لأمته – صلى الله عليه وآله – من أوضح علامات عمق الرحمة في وجوده المبارك، وهذه إحدى خصائص نبي الرحمة التي يتميز بها حتى عن سائر أنبياء الله عزوجل. لنتأمل فيما روي في كتاب الأمالي للشيخ المفيد مسنداً عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهما السلام قال : إن أبا ذر وسلمان خرجا في طلب رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقيل لهما إنه توجه إلى ناحية قبا ، فاتبعاه فوجداه ساجدا تحت الشجرة ، فجلسا ينتظرانه حتى ظنا أنه نائم ، فأهويا ليوقظاه فرفع رفع رأسه إليهما ، ثم قال : قد رأيت مكانكما ، وسمعت مقالتكما ، ولم أكن راقدا إن الله بعث كل نبي كان قبلي إلى أمته بلسان قومه ، وبعثني إلى كل أسود وأحمر بالعربية ،وأعطاني في أمتي خمس خصال لم يعطها نبيا كان قبلي : نصرني بالرعب ، تسمع بي القوم وبيني وبينهم مسيرة شهر فيؤمنون بي ، وأحل لي المغنم ، وجعل لي الأرض مسجدا وطهورا ، أينما كنت منها أتيمم من تربتها ، واصلي عليها ، وجعل لكل نبي مسألة فسألوه إياها ، فأعطاهم ذلك في الدنيا ، وأعطاني مسألة فأخرت مسألتي لشفاعة المؤمنين من أمتي يوم القيامة ، ففعل ذلك ، وأعطاني جوامع العلم ، ومفاتيح الكلام ، ولم يعط ما أعطاني نبيا قبلي ، فمسألتي بالغة إلى يوم القيامة لمن لقى الله لا يشرك به شيئا ، مؤمنا بي ، مواليا لوصيي ، محبا لأهل بيتي.
أيها الأفاضل، ونصر الله عزوجل لنبيه بقذف الرعب في قلوب أعدائه إنما هو مظهر للتأييد الإلهي له لعظيم رحمته وشدة كرهه – صلى الله عليه وآله – لسفك الدماء ولكي يندفع شر الأعداء بدون قتال فما أشد جهالة الحركات التكفيرية وقد إستزلها الشيطان فسعت الى سفك الدماء لبث الرعب في قلوب الناس، لكي تنتصر بالرعب حسب تسويل الشيطان لها؛ وهذا سلوك أبعد كل البعد عن منهاح نبي الرحمة الذي ببركته رفع الله عن أمته عذاب الإستئصال الذي شهدته الأمم السابقة عند تكذيبها الأمم السابقة عند تكذيبها لأنبياء الله تبارك وتعالى، قال الحافظ الفقيه ابن حمزة الطوسي في كتاب الثاقب في المناقب:
عذب الله تعالى أمماً سابقة بالطوفان والماء والريح العاتية وأفناهم وقطع دابرهم،وأبادهم، وجعلهم عبرة لمن عقل، وعظة لمن تدبر، وحديثاً لمن تذكر، على وجه يخرق العادة، ثم لم يجعل ذلك لنبينا صلى الله عليه وآله، ولا لأحد من أوصيائه، لأنه سبحانه وتعالى جعله صلى الله عليه وآله نبي الرحمة كما قال عز إسمه: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وكان صلى الله عليه وآله أحسن الأنبياء خلقاً، وأكرمهم سجية، وأعلاهم فضلا. وقد قال صلى الله عليه وآله من كرمه الفائض وخلقه الجميل: "لكل نبي دعوة مستجابة، وإني أخبأت دعوتي شفاعة لأهل الكبائر من أمتي" وإنما فعل تعالى بالأمم الماضية من العذاب المدمر، والهلاك الشامل، ليعتبر بهم من يجيء بعدهم، بعدما استحقوا ذلك بأفعالهم القبيحة، وإصرارهم على الكبائر، وتماديهم على الكفر والجحود، وإن الله سبحانه وتعالى لم يغلق على أمة نبينا، باب التوبة، ولم يسد لهم طريق الأوبة الى يوم القيامة، ورفع عنهم عذاب الإستئصال ببركته صلى الله عليه وآله.
نشكركم مستمعينا الأطائب على طيب الإستماع لهذه الحلقة من برنامج (نبي الرحمة) إستمعتم لها مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
كونوا معنا في الحلقة المقبلة لنتابع معاً تجليات الرحمة الإلهية في السيرة المحمدية المعطاء.. دمتم في أمان الله.