ذكر في كشف الغمّة من وقائع اليوم الثالث عشر من شهر رمضان ما نصّه: لما فرغ امير المؤمنين عليه السلام من قتال الخوارج، عاد الى الكوفة في شهر رمضان، فأمّ المسجد فصلّى ركعتين، ثم صعد المنبر فخطب خطبة حسناء، ثم التفت الى ابنه الحسن عليه السلام فقال: يا أبا محمد كم مضى من شهرنا هذا؟
فقال: ثلاثة عشر يا أمير المؤمنين.
ثم سأل الحسين عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله، كم بقي من شهرنا هذا - يعني من شهر رمضان؟
فقال: سبعة عشر يا أمير المؤمنين، فضرب يده الى لحيته وهي يومئذ بيضاء، فقالك ليخضبنّها بدمها اذا انبعث اشقاها. ثم قال:
أريد حياته ويريد قتلي
خليلي من عذيري من مرادي
وعبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله يسمع، فوقع في قلبه من ذلك شيء، فجاء حتى وقف بين يدي علي عليه السلام، وقال: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين، هذه يميني وشمالي بين يديك فاقطعهما، او فاقتلني.
فقال علي عليه السلام: وكيف اقتلك ولا ذنب لك؟ ولو اعلم انك قاتلي لم أقتلك، ولكن كانت لك حاضنة يهودية، فقالت لك يوماً من الايام: يا شقيق عاقر ناقة ثمود؟
قال: قد كان ذلك يا أمير المؤمنين، فسكت الامام علي عليه السلام.
ومن وقائع هذا اليوم الثالث عشر من شهر رمضان قدوم الامام علي الهادي عليه السلام الى سُرّ من رأى سنة 233هـ، ارسل عليه المتوكل العباسي من المدينة الى سرّ من رأى بعد ان ظل والي المدينة يوشي به ويرسل الى المتوكل الكتب والرسائل حتى بعث المتوكل بأخراج الامام من مدينة جده والسير به الى سامراء. حيث كانت النهاية التي خطط لها اعداء الله وعلى رأسهم المتوكل باغتيال الامام بالسمّ، وكان المتوكل من اشد الناس عداوة لآل بيت الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم، الا انه لم يدرك ولن يدرك احفاده قول الله تعالى: «تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا» فكانت قبة الهادي الذهبية تناطح السماء علواً وشموخاً وتطاولاً على الدنيا، لكن احفاد المتوكل العباسي ويزيد الاموي لم يرق لهم ذلك، فقاموا اخيراً بتفجير الحرم الطاهر وتهديم القبة الشماء حسباناً منهم كما توهم المتوكل ان يمحوا اسم الامام الهادي ويمنع محبيه من زيارته، وسيمر التاريخ فيصبحوا كما اصبح المتوكل لعنة التاريخ ويلاحقهم الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة. «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ».
في اليوم الثالث عشر من شهر رمضان هلك طاغية العراق وجزاره آنذاك الحجاج بن يوسف الثقفي في مدينة واسط سنة 95 للهجرة النبوية الشريفة نتيجة ابتلاءه بمرض الجذام. والحجاج معروف بقسوته وفقدان الرحمة والعطف والشفقة. وقد ذكروا ان عدد الذين قتلهم غير الذين قتلوا في الحروب 120 الف رجل وامرأة وطفل. وكان في سجنه خمسون ألفاً، وكان عدد السجينات فيه يقدر بثلاثين الف سجينة، نصفهنّ كنّ حافيات عاريات.
هذا في وقت كان السجناء من الرجال في والنساء في سجن واحد لاغطاء فيه ولا وقاء. وكان يقتل على التهمة والظنّة كل من يوالي علياً أمير المؤمنين عليه السلام وكان يدعو الى سبّه والبراءة منه. حتى قتل عشرات الآلاف وكان على رأسهم كميل بن زياد وقنبر خادم امير المؤمنين، ويحيى بن ام الطويل وهو من حواريي الامام السجاد زين العابدين عليه السلام وكان آخر شهيد هو سعيد بن جبير الاسدي الكوفي. ومازال ابناء الحجاج والمتوكل يمارسوا ما قام به اجدادهم في قتل شيعة ومحبي عليّ والحسين ولكن الله غالب على أمره.