«سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ». في اليوم السادس عشر من رمضان المبارك ليلا اي الليلة السابعة عشرة من الشهر الفضيل، وفي عام ما قبل الهجرة تصادف ذكرى الاسراء والمعراج على قول بعض المؤرخين.
وقد ثبت بالآيات الكريم والاحاديث المتواترة ان الله تعالى عرج برسوله الكريم في ليلة واحدة من مكة الى بيت المقدس، ثم الى السماوات حتى بلغ سدرة المنتهى، والعرش الاعلى، وأراه الله جلّ جلاله آيات السماوات والارضين وعلمه الاسرار الخفية والمعارف اللّدنية اللامتنانية، وان النبي صلى الله عليه وآله وسلم عبد الله تعالى في البيت المعمور تحت العرش، ولاقى جميع الانبياء، ودخل الجنّة ورأى منازل اهلها، ورأى النار وأهلها وطبقاتها، كل ذلك كان في ليلة واحدة، ببدنه وروحه صلى الله عليه وآله، وفي اليقظة لا في النوم. وبالاضافة الى الآية الاولى من سورة الاسراء فان سورة النجم قد فصلت بشكل اكثر رحلة الاسراء والمعراج بقوله تعالى: «وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى، ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى، وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى، ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى، مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى، أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى، وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى، عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى، إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى، مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى»، ذكر هذه الرحلة في احاديث اهل البيت عليهم السلام وخطبهم في مواقع مشهودة من التاريخ.
في السادس عشر من شهر رمضان عام 463 هجري، توفي محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري خليفة الشيخ المفيد والجالس مجلسه ودُفن في داره ببغداد. ويرجع نسب هذا العالم الجليل الى جعفر بن أبي طالب عليه السلام، ويُعدّ الشيخ محمد بن الحسن فقيها اماميا، ومتكلما له كتب قيمة منها مسألة في ايمان آباء النبي صلى الله عليه وآله، ومسألة في المسح على الرجلين، وكتاب النُّكت في الامامة واخبار المختار ومعالم العلماء.
وفي اليوم السادس عشر من شهر رمضان المبارك عام 1383 للهجرة اي قبل 44 عاماً، توفي العالم والمجتهد الاكبر المجدد آية الله الشيخ محمد رضا المظفر عن عمر ناهز الستين عاما قضاها في العطاء والجهاد والجدّ والمثابرة في نشر علوم آل محمد صلوات الله عليهم.
وُلِدَ العلامة المجاهد المظفر في النجف الاشرف عام 1322هـ بعد وفاة والده بخمسة اشهر، فتكفله أخوه الشيخ محمد حسن المظفر، وهو احد مراجع النجف الاشرف يومها ونشأ على يديه في طلب العلم وتتلمذ رحمه الله على ايد اساطين العلم من امثال آقا ضياء الدين العراقي والشيخ محمد حسين الاصفهاني الميرزا محمد حسين النائيني، وعدّه بعض العلماء بانه فقيه امامي وهذا لقب ذو ابعاد معنوية لدى اهلها.
اسس المرحوم المظفر جمعية منتدى النشر التي كان لها دور فاعل في نشر الفكر الاسلامي بأساليب عصرية وتاريخ النفج لا ينسى ذلك الدور.
ومن مشاريعه رحمه الله كلية الفقه في النجف والتي ترأس عمادتها ولهذه الكلية تاريخ مشهود في تخريج آلاف الجامعيين ممن حمل اعباء الرسالة الاسلامية ومنهم العلامة المرحوم الشيخ احمد الوائلي.
وللشيخ المظفر رحمه الله مواقف سياسية شجاعة في مواجهة الافكار السياسية الضالة والملحدة، ومن مواقفه معارضته نقل جثمان رضا شاه الى النجف الاشرف عندما أرادت حكومة ايران آنذاك نقله من منفاه.
ولشيخنا المظفر كتب دراسية قيمة في الفقه والاصول والمنطق لاتزال الحوزات العلمية تعتمدها في منهجية دروسها الشريفة.