وله المجد والحمد مجيب دعوة الداعين وأسمى الصلوات وأزكى التسليم على حبل الله المتين الصادق الامين محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم أحباءنا تحية مباركة طيبة نستهل بها لقاء آخراً من هذا البرنامج نخصصه بعون الله عزوجل للمشهد الحسيني المشرف والمبارك والروايات المبينة لما خص الله به تربته المقدسة.
تحدثنا كلمات ائمة العترة المحمدية (عليهم السلام) عن خصوصية تربة المرقد الحسيني المقدس، فتصرح بأن الله عزوجل قد جعل فيها ـ وهو القادر على ما يريد ـ الشفاء لمن استشفى بها عن صدق يقين، وجعل فيها جلت قدرته الامان لمن طلب بها الامن منه جل جلاله.
وقد رويت في المصادر المعتبرة كثير من الاحاديث الشريفة المصرحة بهذه الخصوصية للتربة الحسينية المقدسة كما ان تجارب المؤمنين بهذا الشأن وفي كل جيل كثيرة تفوق حد الحصر، متواترة في تصديق ما أخبرت عنه احاديث ائمة الهدى (عليهم السلام)، ونحن نكتفي هنا برواية واحدة نقلها الشيخ الطوسي في أماليه بسنده عن الحارث بن المغيرة قال:
قلت لابي عبد الله الصادق (عليه السلام): اني رجل كثير العلل والامراض وما تركت دواء الا تداويت به، فقال لي: اين انت عن طين قبر الحسين بن علي (عليهما السلام) فإن فيه شفاء من كل داء وأمناً من كل خوف، فإن اخذته فقل هذا الكلام: «اللهم اني اسألك بحق هذه الطينة، وبحق الملك الذي أخذها وبحق النبي الذي قبضها وبحق الوصي الذي حل فيها صل على محمد وآل محمد وأهل بيته وأفعل بي كذا وكذا».
قال الراوي: ثم قال لي ابو عبد الله الصادق (عليه السلام): أما الملك الذي اخذها فهو جبرئيل عليه السلام أراها النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: هذه تربة ابنك الحسين تقتله أمتك من بعدك، والذي قبضها فهو محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأما الوصي الذي حلّ فيها فهو الحسين (عليه السلام) والشهداء رضي الله عنهم.
قال الراوي وهو الحارث بن المغيرة: قلت: قد عرفت جُعلت فداك الشفاء من كل داء فكيف الامن من كل خوف؟ اي ان الحارث سأل الامام الصادق (عليه السلام).
عما يقوله اذا طلب بالتربة الحسينية الامن من امر يخافه، فأجابه الامام الصادق (عليه السلام) قائلاً: إذا خفت سلطاناً او غير سلطان، فلا تخرجن من منزلك الا ومعك طين من قبر الحسين فنقول: اللهم اني أخذته من قبر وليك وابن وليك فأجعله لي امناً وحرزاً لما أخاف ومالا اخاف.
قال الحارث بن المغيرة: فأخذت كما امرني وقلت ما قال لي فصح جسمي وكان لي اماناً من كل ما خفت وما لم أخف كما قال ابو عبد الله الصادق (عليه السلام) فما رايت مع ذلك بحمد الله مكروهاً ولا محذوراً.
ومما اختص الله جل جلاله تربة المشهد الحسيني استحباب السجود عليها في الصلوات، وقد كانت سنة اهل البيت عليهم السلام صنع الواح او غيرها من تراب قبر الحسين (عليه السلام) يخصصونها للسجود عليها في الصلوات، فمثلاً روى السيد ابن طاووس في كتاب مصباح الزائر عن معاوية بن عمار قال: كان لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام) خريطة ديباج صفراء فيها تربة ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) فكان اذا حضرت الصلاة صبه على سجادته وسجد عليه، ثم قال (عليه السلام): السجود على تربة الحسين يخرق الحجب السبع.
كما ان من خصائص تربة المشهد الحسيني المبارك استحباب اخذ السبحة منها وقد نصت على ذلك روايات كثيرة وكانت عليها سنة اهل البيت عليهم السلام، فمثلاً روي في كتاب تهذيب الاحكام مسنداً عن مولانا الامام موسى الكاظم (عليه السلام) أنه قال:
لا تستغني شيعتنا عن اربع: خمرة [يعني تربة] يصلي عليها وخاتم يتختم به وسواك يستاك به وسبحة من طين قبر ابي عبد الله الحسين عليه السلام فيها ثلاث وثلاثون حبة متى قلبها ذاكراً الله كُتب له بكل حبة اربعون حسنة وإذا قلبها ساهيا، كتب الله له عشرون حسنة.
وعن مولانا الامام بقية الله المهدي (عجل الله فرجه) انه كتب في جواب من سال عن حكم التسبيح بسبحة متخذة من تراب المشهد الحسيني، كتب يقول: تُسبح به فما من شئ من التسبيح أفضل منه، ومن فضله ان المسبح ينسى التسبيح ويدير السبحة يكتب له [ثواب] ذلك التسبيح.