بسم الله وبالله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله الهداة الى الله.
السلام عليكم اعزاءنا ورحمة الله تقبل الله اعمالكم؛ على بركة الله نلتقيكم في حلقة اخرى من هذا البرنامج نتسنم فيها عبير تربة الشهداءه نحن نتعرف على فضائل كربلاء والمشهد الحسيني.
عرفنا في الحلقة السابقة ان صحتح الاحاديث الشريفة تصرح بان الله تبارك وتعالى قد قدس ارض كربلاء واختارها حرماً آمناً مباركاً تكون حصناً للمؤمنين من طوفان الهلاك. ومعراجاً للانبياء والاولياء (عليهم السلام) الى افق القرب والعلياء.
وقد شرف الله عزوجل تربة كربلاء بأن جعلها مثوى للحسين سيد الشهداء (عليه السلام)، قال مولانا الصادق (عليه السلام):
موضع قبر الحسين بن علي صلوات الله عليهما منذ يوم دفن فيه روضة من رياض الجنة وترعة من ترع الجنة، وقال (عليه السلام) في حديث آخر: قبر الحسين بن علي (عليه السلام) من رياض الجنة منه معراج الى السماء، فليس من ملك مقرب ولا نبي مرسل الا وهو يسأل الله يزوره، وفوج يهبط وفوج يصعد.
ان في تعبير (منه معراج الى السماء) اشارة دقيقة الى ان التعبد الى الله عز وجل في المشهد الحسيني وزيارته وسيلة شديدة التاثر في الفوز بالكمالات الحقيقية وقرب الله عز وجل ورضاه الذي هو جوهر العروج الى السماء.
وثمة حادثة معبرة روتها عدة من المصادر في سيرة الامام الهادي (عليه السلام)، جاء فيها ان الامام الهادي اصابته حمى شديدة فدعى اصحابه الى ارسال علي بن بلال وهو من شيعته الى الحائر الحسيني لكي يدعو له فيه بالشفاء.
فاستغرب علي هذا الطلب من الامام وقال: السمع والطاعة ولكنني اقول انه عليه السلام افضل من الحائر اذ كان بمنزلة من في الحائر (يعني الامام الحسين) ودعاؤه لنفسه افضل من دعائي له بالحائر.
ولما نقل هذا الاعتراض الى الامام الهادي (عليه السلام) قال: ليس هو هكذا، ان لله مواضع يحب ان يعبد فيها وحائر الحسيني عليه السلام من تلك المواضع؛ ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يطوف بالبيت ويقبل الحجر وحرمة النبي صلى الله عليه وآله والمؤمن اعظم من حرمة البيت، انما هي مواطن يحب الله ان يذكر فيها وبقاع يحب ان يدعى فيها فيستجيب لمن دعاه، فانا احب ان يدعى لي حيث يحب الله ان يدعى فيها وحائر الحسين (عليه السلام) منها.
وتبقى في رحاب فضائل كربلاء المقدسة التي اتضح انها من البقاع التي يحب الله ان يعبد فيها وان يدعى فيها ويعرج فيها الى سماء الكمالات السامية؛ ولهذا اكتسبت حرمة خاصة تضاف الى قدسيتها الاولية. لاحظو الحديث الشريف التالي المروي في كامل الزيارات عن الامام زين العابدين عليه السلام عن عمته العقيلة زينب الكبرى (سلام الله عليها) عن ام ايمن (رضوان الله عليها) ان النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) قال:
اتاني جبرئيل فاومى الى الحسين وقال: ان سبطك هذا مقتول في عصابة من ذريتك واهل بيتك واخيار من امتك بضفة الفرات بارض تدعى كربلاء من اجلها يكثر الكرب والبلاء على اعدائك واعداء ذريتك في اليوم الذي لاينقضي كربه ولا تفنى حسرته وهي اطهر بقاع الارض واعظمها حرمة وانها لمن بطحاء الجنة.
وروي في كتاب تهذيب الاحكام عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: خرج امير المؤمنين )عليه السلام) يسير بالناس حتى اذا كان من كربلاء على مسيرة ميل، فتقدم بين ايديهم حتى اذا صار بمصارع الشهداء قال: قبض فيها مائتا نبي ومائتا وصي ومائتا سبط شهداء باتباعهم.
ثم بكى وقد ذكر الحسين (عليه السلام) وصحبه وقال: مناخ ركاب ومصارع شهداء لايسبقهم من كان قبلهم ولا يلحقهم من كان بعدهم، هذا مناخ ركابهم وهذا ملتقى رحالهم وهنا تهراق دمائهم طوبى لك من تربة عليك تهراق دماء الاحبة.
ونختم هذا اللقاء بحديث جامع في بيان فضيلة المشهد الحسيني، فببركة سيد الشهداء (عليه السلام) اختص الله تربة كربلاء باثار تنفرد بها عن غيرها: فقد روي عن مولانا الامام الباقر وكذلك ولده الصادق (عليهما السلام) انهما كانا يقولان: ان الله تعالى عوض الحسين عليه السلام من قتله ان جعل الامامة في ذريته والشفاء في تربته واجابة الدعاء عند قبره ولا تعد ايام زائره جائياً وراجعاً من عمره.