وله المجد والحمد رب العالمين والصلاة والسلام على خيرة الله الهادي المختار وآله المصطفين الاطهار.
السلام عليكم أحباءنا ورحمة الله وبركاته، اهلاً بكم على بركة الله وبتوفيق نبدأ معكم جولة اخرى في رحاب بيوت النور الالهي المرفوعة ومشاهد اوليائه المشرفة، في هذه الحلقة نتفيأ ظلال المشهد العلوي المبارك في النجف الاشرف.
وردت في مصادرنا الحديثية المعتبرة احاديث كثيرة عن فضيلة النجف الاشرف وقدسية هذه البقعة المعبر عنها في الاحاديث ايضاً بتعبير الغري او ظهر الكوفة، نكتفي هنا بنقل ثلاثة منها، اثنان مرويان عن مشرف النجف الاشرف مولانا أمير المؤنين علي بن ابي طالب (عليه السلام).
روى الاولى الشيخ الموثوق محمد بن مسعود العياشي في تفسير عن الامام علي (عليه السلام) أنه قال: «أول بقعة عُبد الله عليها ظهر الكوفة، لما امر الله الملائكة أم يسجدوا لآدم سجدوا على ظهر الكوفة».
وفي كتاب ارشاد القلوب روى الشيخ الديلمي عنه (عليه السلام) أنه نظر الى ظهر الكوفة فقال: «ما احسن مظهرك وأطيب قعرك، اللهم اجعل قبري فيها».
أما الحديث الثالث احباءنا فهو مروي في كتاب ارشاد القلوب عن مولانا الامام الصادق (عليه السلام) قال: «الغري قطعة من الجبل الذي كلم الله عليه موسى تكليماً، وقدّس عليه عيسى تقديساً، واتخذ عليه ابراهيم خليلاً ومحمد (صلى الله عليه وآله) حبيباً، وجعله للنبيين مسكناً».
والحديث الاخير الافاضل يشتمل على دلالات كثيرة فيما يرتبط بالعلاقة بين النبوة والولاية تظهر بعضها للمتدبر الجامع بين هذا الحديث ونظائره المروية في المصادر المعتبرة.
واستجاب الله عزوجل لدعاء وليه المرتضى، فجعل قبره في هذه البقعة المقدسة وعين له قبره بين قبري آدم ونوح (عليهما اسلام) فاوصى ولده الحسن (عليهما السلام) أن يدفنه سراً في الموضع الذي عهد اليه في ظهر الكوفة.
وقد نفذ الحسن (عليه السلام) الوصية وحمل امير المؤمنين (عليه السلام) ومعه اخوته (عليهم السلام) وخلص اصحابه ودفنوه ليلاً وسراً في المحل المحدد لكي يمنعوا بني امية والخوارج من العبث به، ونصت الروايات على ان قبره الشريف ظل مخفياً الى ان سقطت حكومة بني امية، فتولى مهمة اظهاره وتعريف الناس به مولانا الامام الصادق (عليه السلام)، روي في كتاب فرصة الغري للسيد عبد الكريم بن طاووس بسنده وضمن حديث طويل عن تحديد الامام الصادق لمحل القبر الشريف أن صفوان قال للامام بعد تحديد محل القبر: يا بن رسول الله، ما منع الابرار من اهل البيت من اظهار مشهده.
فأجاب (عليه السلام): حذراً من بني مروان والخوارج أن تحتال في أذاه.
أما عن ثواب زيارة المشهد العلوي المبارك في النجف الاشرف، فقد رويت كثير من الاحاديث الشريفة بينت عظيم بركات القيام بهذا العمل، سننقل لكم بعضها في اللقاء المقبل اما في هذا اللقاء فننقل لكم رواية جامعة في هذا الباب رواه السيد عبد الكريم بن طاووس بسنده عن المفيد عن ابي عامر التباني واعظ اهل الحجاز قال: اتيت ابا عبد الله جعفر بن الصادق (عليه السلام) وقلت له: يا ابن رسول الله، ما لمن زار قبره ـ يعني امير المؤمنين ـ وعمّر تربته فأجابه مولانا الامام الصادق (عليه السلام) قائلاً: يا ابا عامر حدثني ابي عن ابيه عن جده الحسين بن علي، عن علي (عليه السلام) ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال له: والله لتقتلن بأرض العراق وتدفن بها فقلت: يا رسول الله ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها، فقال لي: يا ابا الحسن ان الله تعالى جعل قبرك وقبر ولدك بقاعاً من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها وإن الله جعل نجباء من خلقه وصفوة من عباده تحن اليكم، فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقرباً منهم الى الله عزوجل ومودة منهم لرسوله، اولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي الواردون على حوضي وهم زواري غداً في الجنة.
يا علي من عمّر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس، فأبشر وبشر اولياءك ومحبيك من النعيم وقرة العين بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ولكن حثالة من الناس يعيرون زوار قبوركم، اولئك شرار امتي لا انالهم الله شفاعتي ولا يريدون حوضي.