بسم الله وله الثناء والمجد ذو الجلال والاكرام والعطايا والانعام. وأزكى الصلاة والسلام على احب خلقه اليه ووسيلته اليه محمد المختار وآله الاطهار.
السلام عليكم ايها الاخوة والاخوات ورحمة الله، تحية مباركة، واهلاً بكم في لقاء آخر من هذا البرنامج الذي نتعرف فيه على افاضل بيوت النور الالهي التي امرنا الله عزوجل بتعاهدها والتقرب اليه عزوجل بزيارتها والصلاة فيها. في هذه الحلقة نمر سريعاً على ما تبقى من المساجد المعظمة التي ورد الحث على زيارتها في المدينة المنورة.
ومن المساجد المكرمة المهمة في المدينة المنورة مسجد المباهلة الذي بُني في الموقع الذي شهد حادثة مباهلة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) نصارى نجران بأهل بيته (عليهم السلام) وهي الحادثة المشهورة التي سجلها القرآن الكريم، فلا ينبغي الغفلة عن تعظيم هذا المسجد وزيارته والصلاة فيه والتوسل الى الله عزوجل بأصحاب العباء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
ومن هذه المساجد، مسجد بني ظفر الذي كان يقع شرقي بقيع الغرقد وكان يضم في جهة القبلة أثر حافر بغلة النبي (صلى الله عليه وآله)، ومن هذه المساجد ايضاً مسجد الغمامة المقام في الموضع الذي شهد كرامة تضليل الغمام لرسول الله (صلى الله عليه وآله).
ومنها مسجد المصلى الذي صلى فيه رسول الله اول صلاة عيد بالمسلمين.
ومنها مسجد الصديقة الزهراء (سلام الله عليها) الذي كان مقاماً في البقيع في المحل الذي بنا لها فيه امير المؤمنين (عليه السلام) بيت الاحزان بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ومنها مسجدي سلمان وابي ذر (رضوان الله عليهما) وغيرها من المشاهد المشرفة التي طالت كثيراً منها ايدي الهدم والتخريب.
ونجد في احاديث اهل بيت النبوة (عليهم السلام) تأكيدات مشددة على زيارة مسجد ذي الحليفة أو مسجد المُعرَّس، وهو الآن بأزاء مسجد الشجرة ميقات اهل المدينة وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأتي هذا المسجد ويستريح فيه قليلاً عند خروجه لغزوة او غيهرا، فسمي مسجد معرس النبي لذلك من التعريس الذي يعني نومة المسافر نومة خفيفة.
وكان ائمة العترة المحمدية (عليهم السلام) يحثون على الاقتداء برسول الله في فعله في عمل هذا المسجد، وفي ذلك تعليم عام للمؤمنين فيما يرتبط بزيارة المشاهد المشرفة.
فمثلاً لاحظوا الافاضل طريقة خطاب الامام الصادق (عليه السلام) لاحد اصحابه في حديث روي في كتاب تهذيب الاحكام؛ قال (عليه السلام) عن هذا المشهد: اذا رجعت الى المدينة فمر به وأنزل وأنخ به وصلِّ فيه فان رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعل ذلك.
ولذلك فقد ذكر الفقهاء في مناسك الحج اتحباب الصلاة في هذا المسجد المعظم والاضطجاع فيه ولو قليلاً ليلاً كان ذلك او نهاراً مع حاجة للاستراحة او بدونها إذ الهدف هو ترسيخ روح الاقتداء بفعل رسول الله في قلوب المؤمنين.
وروى الكليني في الكافي أن أحد اصحاب الرضا (عليه السلام) مرّ بها المسجد فلم يسترح فيه كما كان يفعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأمره الامام الرضا (عليه السلام) ان يرجع ويستريح في المسجد، كما كان يفعل رسول الله (صلى الله عليه وآله).
أعزاءنا، ونجد في احاديث ائمة العترة المحمدية (عليهم السلام) تأكيدات مشددة على تعظيم وجميع المشاهد المشرفة والمساجد المعظمة في المدينة المنورة، قال الصادق (عليه السلام) لأحد اصحابه ضمن حديث عن هذا الامر: لا تدع اتيان المشاهد كلها.
كما وردت كثير من الاحاديث الشريفة الحاثة على احترام المدينة المنورة برمتها كسائر المدن المقدسة، والمؤكدة على استحباب السكنى فيها والاكثار من الصلاة والصدقات وأعمال الخير فيها؛ وبالمقابل التاكيد على اجتناب فعل كل مالا يرضاه الله عزوجل في هذه البقاع المقدسة.