بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد رب العالمين، وأسنى الصلاة وأتم التسليم على نور الله المبين وحبله المتين محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم أحباءنا، أسعد الله اوقاتكم بكل خير وأهلاً بكم في رابعة حلقات هذا البرنامج نخصصها للحديث عن زيارة ثاني الحرمين المشهد المحمدي المبارك على مشرفه وآله آلاف التحية والسلام.
حثت النصوص الشريفة المسلمين أن يشدوا الرحال لزيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة، وتواترت بذلك الاحاديث الشريفة بين مختلف الفرق الاسلامية واتفقت كلمة المسلمين على لزوم تعظيم مسجد النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) فهو اعظم المشاهد المشرفة في الارض قاطبة بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة، وللصلاة فيه ثواب عظيم.
وقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: الصلاة في مسجدي تعدل ألف صلاة في غيره الا المسجد الحرام.
كما روي عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: ما بن منبري وبيوتي روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من ترع الجنة.
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: أربعة من قصور الجنة في الدنيا: المسجد الحرام، ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله)، ومسجد بيت المقدس ومسجد الكوفة.
ان كل شبر من أرض مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) يذكر الزائر له بحوادث ووقائع انطلاقة الدعوة المحمدية المباركة وما تحمله من عبر تجعله رحلة الزائر اليه وصلاته فيها محفوفة بكثير من الآثار الروحية التي تعزز إرتباطه بالحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله) وبالقيم الالهية التي جاء بها.
لذلك فمن المفيد جداً ان يقرأ الزائر لمشهد المحمدي تأريخ ثاني الحرمين وما ترمز اليه معالمه ويتذكر خاصة أن نبيه الاكرم (صلى الله عليه وآله) هو الذي وضع اساس هذا المسجد وعمل في بنائه بنفسه فعمل المهاجرون والانصار في بنائه بشوق وهم يرتجزون قائلين:
لئن قعدنا والنبي يعمل
فذاك منا العمل المضلل
والنبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) يدعو لهم قائلاً: لا عيش الا عيش الآخرة، اللهم ارحم الانصار والمهاجرة ويتذكر الزائر قول علي بن ابي طالب عليه السلام يومذاك حيث كان يرتجز قائلاً:
لا يستوي من يعمل المساجدا
يدأب فيها قائماً وقاعداً
ومن يُرى عن الغبار حائداً
وتحث الاحاديث الشريفة اعزاءنا على الاهتمام بالصلاة في اماكن خاصة من المسجد النبوي اكثر من غيرها لعظيم فضلها وجزيل ثواب الصلاة فيها مثل الروضة التي تقع ما بين قبر النبي ومنبره (صلى الله عليه وآله)، واهم منها محل بيت علي وفاطمة (عليهما السلام).
فقد سُئل الامام الصادق (عليه السلام): الصلاة في بيت فاطمة عليها السلام أفضل او في الروضة، قال: في بيت فاطمة.
ونجد في الاحاديث الشريفة الاكارم تأكيدات مشددة على عدم الغفلة عن التعبد لله عزوجل في المساجد الاخرى التي في المدينة المنورة ومشاهدها المشرفة.
فقد روي عن مولانا الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال لاحد اصحابه: لا تدع اتيان المشاهد كلها: مسجد قبا فأنه المسجد لذي اسس على التقوى من اول يوم، ومشربة ام ابراهيم ومسجد الفضيخ وقبور الشهداء ومسجد الاحزاب وهو مسجد الفتح.
وعنه (عليه السلام) قال: الصلاة في مسجد الغدير لأن النبي (صلى الله عليه وآله) أقام فيه أمير المؤمنين عليه السلام وهو موضع أظهر الله عزوجل فيه الحق، وروى حسان الجمّال قال: حملت ابا عبد الله الصادق عليه السلام من المدينة الى مكة فلما انتهينا الى مسجد الغدير نظر في ميسرة المسجد فقال: ذاك موضع قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
وقال (عليه السلام) في جواب من سأله: إنا نأتي المساجد التي حول المدينة فبأيها ابدأ، فقال: ابدأ بقباء فصل فيه وأكثر فانه اول مسجد صلى فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذه العرصة، ثم ائت مشربة أم ابراهيم فصل فيها وهي مسكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومصلاه، ثم تأتي مسجد الفضيخ فتصلي فيه فقد صلى فيه نبيك.
وهكذا تلاحظون كيف يجعل مولانا الصادق (عليه السلام) زائر هذه المشاهد المشرفة يعيش مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل اوقاته وهو يزور حرمه المبارك.