بسم الله وله المجد والحمد منزل البركات ومجيب الدعوات واتم السلام وازكى الصلوات على سيد السادات محمد المصطفى واله القادة الهداة.
السلام عليكم الاحباء ورحمة الله، طيب الله اوقاتكم بكل خير واهلاً بكم ومرحباً في ثاني حلقات هذا البرنامج نخصصها للحديث عن اعظم واول البيوت التي اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه؛ الا وهو بيته الحرام وحرم الامن الالهي.
يصرح القرآن الكريم ان المسجد الحرام هو اول بيت من بيوت الرحمان وضع للناس، سواء اخذنا معنى الاولوية الزمانية فيكون اقدمها او الاولوية التشريفية فيكون اشرفها واعظمها قدسية، قال الله عز من قائل في سورة ال عمران، الآية (96 ـ 97): «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ، فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّه غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ».
والمسجد الحرام هو البيت التوحيد الذي جعل الله جلت حكمته زيارته والحج اليه فريضة عامة على كل مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وجعل الحج اليه حقا لله المنعم على عباده، قال عز من قائل: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً»، قال مولانا الصادق (عليه السلام) عن بيت الله الحرام:
)وهذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في اياته، فحثهم على تعظيمه وزيارته وجعل محل انبيائه وقبلة للمصلين له، فهو شعبة من رضوانه وطريق يؤدي الى غفرانه، منصوب على استواء الكمال، ومجمع العظمة والجلال، خلقه الله قبل دحو الارض بالفي عام).
وقد ذكرت بعض الاحاديث الشريفة ان عند حجر ابينا اسماعيل (عليه السلام) قبور سبعين من انبياء الله (سلام الله عليهم).
وروي عن امير المؤمنين (عليه السلام) كما في الكافي ان الامر بحج بيت الله الحرام شمل جميع البشر من عهد ادم، بل وشمل الملائكة ايضاً، فقد روي عن مولانا الامام الصادق (عليه السلام) قال:
لما افاض آدم من منى تلقته الملائكة فقالت: يا آدم بر حجك، اما انا قد حججنا هذا البيت قبل ان تحجه بالفي عام ولذلك وضع هذا البيت المبارك وسط الارض تماماً كما اثبتت ذلك الدراسات العلمية الحديثة وقد سئل مولانا الامام الرضا سلام الله عليه عن علة جعله في وسط الارض فقال: ليكون الفرض (اي فرض الحج اليه) لاهل المشرق والمغرب سواء!
من هنا نعرف اعزاءنا، بعض اسرار التعبير القراني البليغ ضمن حديثه عن دور ابراهيم الخليل سلام الله عليه في بناء الكعبة المعظمة حيث قال عز من قائل: «وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ».
فالبيت الحرام كان قبل ابراهيم (عليه السلام) ثم امره الله عز وجل برفع قواعده ودعوة الناس عموما الى حجة بعد ان كان الحج اليه قبله حج الخواص. وفي ذلك اشارة الى نقله نوعية ان صح التعبير في دور عبادة الحج في المجتمع التوحيدي، وهذه النقلة الافاضل هي التي اكملها الامر الالهي لابراهيم (عليه السلام) بتطهير البيت من جميع اشكال الاوثان ومظاهر الشرك لكي يكون مركزاً ومنطلقاً للتوحيد الخالص، قال الله عز وجل (البقرة، 125): «وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ».
من هنا ندرك الاكارم سر تاكيدات الادعية الواردة عن اهل بيت العصمة سلام الله عليهم وخاصة الرمضانية منها على ان يطلب المؤمنون توفيق الحج ليس لمرة واحدة بل في كل عام، روي عن مولانا الامام الكاظم (عليه السلام) انه امر بتلاوة الدعاء التالي من اول شهر رمضان الى آخره ومطلع الدعاء هو: اللهم ارزقني حج بيتك الحرام في عامي هذا وفي كل عام ما ابقيتني في يسر منك وعافية وسعة رزق ولا تخلني من تلك المواقف الكريمة والمشاهد الشريفة.