سلام من الله عليكم مستمعينا الأطائب، وأهلاً بكم في هذه الروضة المباركة بأزكى صور أخلاق أحباب الله وأوليائه الصادقين.
محور ما اخترناه لهذا اللقاء من سيرة شبيهي المصطفى – صلى الله عليه وآله – هو خلق (قول كلمة الحق في وجه سلاطين الجور) تابعونا على بركة الله.
النموذج الأول – أيها الأحبة – لهذا الخلق المعبر عن الإباء الإيماني هو من صور الإباء الحسني الكريم نختاره من كتاب المعجم الكبير للحافظ الطبراني وهو من أعلام محدثي أهل السنة فقد روى بسنده عن معاوية بن حديج قال أرسلني معاوية بن أبي سفيان إلى الحسن بن علي – عليهما السلام -، أخطب على يزيد بنتاً له أو أختاً له، فأتيته فذكرت له يزيد، فقال: إنا قوم لا تزوج نساءنا حتى نستأمرهن فأتيها، فأتيتها فذكرت لها يزيد، فقالت: والله لا يكون ذاك حتى يسير فينا صاحبك كما سار فرعون في بني إسرائيل، يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، فرجعت الى الحسن، فقلت: أرسلتني الى فلقة من الفلق تسمي أمير المؤمنين – يعني ابن أبي سفيان – فرعون، فقال: "يا معاوية إياك وبغضنا، فإن رسول الله – صلى الله عليه وآله – قال: لا يبغضنا ولا يحسدنا أحد إلا زيد يوم القيامة بسياط من نار".
مستمعينا الأكارم، والنموذج الثاني في تجلي خلق قول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر نختاره مما رواه القاضي النعمان المغربي في كتاب (شرح الأخبار) حيث نقل رسالة حسينية لمعاوية وهو أوج طغيانه، قال القاضي النعمان:
(روي عن الحسين بن علي – عليهما السلام – أنه كتب إلى معاوية كتاباً يقرعه فيه، ويبكته – أي يذمه – بأمور صنعها، كان فيه: ثم وليت ابنك وهو غلام يشرب الشراب ويلهو بالكلاب، فخنت أمانتك وأخربت رعيتك، ولم تؤد نصيحة ربك، فكيف تولي على أمة محمد – صلى الله عليه وآله – من يشرب المسكر، وشارب المسكر من الفاسقين، وشارب المسكر من الأشرار؟! وليس شارب المسكر بأمين على درهم، فكيف على الأمة؟! فعن قليل ترد على عملك حين تطوى صحائف الإستغفار.
كان هذا، مستمعينا الأفاضل، ما أعددناه لكم اليوم في روضة (من أخلاق السبطين) شكراً لكم ودمتم بأطيب الأوقات.