سلام من الله عليكم أيها الأكارم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في هذه الروضة الطيبة، نعطر قلوبنا فيها بنقل روايتين من أخلاق بهجة قلب البتول – عليها السلام – الأول في الحلم والصفح الجميل والثانية في لطيف الكرم وحسن النصيحة، تابعونا مشكورين.
الرواية الأولى أخرجها أحد مشاهير حفاظ الجمهور هو إبن عساكر الدمشقي في كتابه تأريخ دمشق ضمن مجريات صلح السبط المحمدي الأكبر عليه السلام مع معاوية، فلنتدبر فيها معاً، روى إبن عساكر بسنده عن عبيد الله بن خليفة قال: كنا مقدمة الحسن بن علي إثنا عشر ألفاً بمسكن مستميتين، تقطر أسيافنا دما من الجد على قتال أهل الشام، وعلينا أبو العمرطة، جاءنا صلح الحسن بن علي كأنما كسرت ظهورنا من الغيظ، فلما قدم الحسن بن علي الكوفة قال له رجل منا يقال له: أبو عامر سفيان بن ليلى، السلام عليك يا مذل المؤمنين.. قال: فقال له: لا تقل ذاك يا أبا عامر، لست بمذل المؤمنين ولكني كرهت أن أقتلكم على الملك.
ومن هذه الصورة السامية في الحلم الحسني النبيل، ننقلكم إلى صورة راقية في الكرم الحسيني المقترن بحفظ كرامة السائل وإغنائه وحسن النصيحة له، فقد نقل في مقدمة كتاب (منهاج الصالحين) للمرجع الديني الورع آية الله السيد وحيد الخراساني، ما رواه المؤرخون أن رجلاً من الأنصار جاء إلى الإمام الحسين يريد أن يسأله حاجة، فقال (عليه السلام): يا أخا الأنصار صن وجهك عن بذلة المسألة وارفع حاجتك في رقعة، فإني آت فيها ما سارك إن شاء الله، فكتب: يا أبا عبد الله إن لفلان علي خمسمائة دينار، وقد ألح بي فكلمه ينظرني إلى ميسرة، فلما قرأ الحسين (عليه السلام) الرقعة دخل إلى منزله فأخرج صرة فيها ألف دينار وقال (عليه السلام) له: أما خمسمائة فاقض بها دينك، وأما خمسمائة فاستعن بها على دهرك، ولا ترفع حاجتك إلا إلى أحد ثلاثة: إلى ذي دين أو مروة أو حسب، فأما ذو الدين فيصون دينه، وأما ذو المروة فإنه يستحي لمروته، وأما ذو الحسب فيعلم أنك لم تكرم وجهك أن تبذله له في حاجتك، فهو يصون وجهك إن يردك بغير قضاء حاجتك.
نشكر لكم أيها الأطائب، طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامجكم (من أخلاق السبطين) إلى لقاء مقبل بتوفيق الله دمتم بألف خير.