السلام عليكم أيها الأطائب، وطابت أوقاتكم بكل خير...
إن مما يميز أخلاق سيدي شباب أهل الجنة سلام الله عليهما، تجسيدها لكمال كل خلق من الأخلاق الفاضلة، وتعريف المؤمنين بمواصفاته طبق ما ورد في وصايا النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – وهذا ما نراه متجلياً في الرواية التي إخترناها للقاء اليوم من هذا البرنامج فكونوا معنا.
الرواية التالية هي من سيرة السبط الشهيد – عليه السلام – وقد رواها العالم الحنفي الموفق الخوارزمي في كتابه الشهير (مقتل الحسين) وجاء فيها قول الراوي: إن أعرابياً جاء إلى الحسين بن علي عليهما السلام فقال: يا ابن رسول الله، قد ضمنت دية كاملة وعجزت عن أدائها، فقلت في نفسي أسأل أكرم الناس، وما رأيت أكرم من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله؛ فقال الحسين: يا أخا العرب! أسألك عن ثلاث مسائل، فإن أجبت عن واحدة أعطيتك ثلث المال، وإن أجبت عن إثنتين أعطيتك ثلثي المال، وإن أجبت عن الكل أعطيتك الكل.. فقال الأعرابي: يا ابن رسول الله أمثلك يسأل عن مثلي وأنت من أهل العلم والشرف؟ فقال الحسين عليه السلام: بلى، سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: المعروف بقدر المعرفة.. فقال الأعرابي: سل عما بدا لك، فإن أجبت وإلا تعلمت منك ولا قوة إلا بالله.. فقال الحسين عليه السلام: أي الأعمال أفضل؟ فقال الأعرابي: الإيمان بالله.. فقال الحسين عليه السلام: فما النجاة من المهلكة؟ فقال الأعرابي: الثقة بالله.. فقال الحسين عليه السلام: فما يزين الرجل؟ فقال الأعرابي: علم معه حلم.. فقال: فإن أخطأه ذلك؟ فقال: مال معه مروءة.. فقال: فإن أخطاه ذلك؟ فقال: فقر معه صبر.. فقال الحسين عليه السلام: فإن أخطأه ذلك؟ فقال الأعرابي: فصاعقة تنزل من السماء وتحرقه فإنه أهل لذلك.. فضحك الحسين عليه السلام ورمى بصرة إليه فيه ألف دينار، وأعطاه خاتمه وفيه فص قيمته مائتا درهم وقال: يا أعرابي أعط الذهب إلى غرمائك واصرف الخاتم في نفقتك.. فأخذ الأعرابي وقال: الله أعلم حيث يجعل رسالته.
وكما تلاحظون مستمعينا الأفاضل، فإن الكرم والعطاء الحسيني إقترن من جهة بإشعار السائل بأنه يحصل على العطاء ببركة معرفته؛ الأمر الذي يبعد عنه ذل المسألة، كما اقترن بحسن الخلق والأريحية من جهة ثانية، والإغناء من جهة ثالثة حيث لم يكتف الإمام الحسين – عليه السلام – بإعطاء السائل حاجته فقط بل ما يكفيه من النفقة أيضاً؛ وهذا من كمال الكرم.
وبهذه الملاحظة ننهي – أيها الأطائب – لقاء اليوم من برنامجكم (من أخلاق السبطين) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران شكراً لكم وفي أمان الله.