سلام من الله عليكم أيها الأطائب، أطيب تحية ملؤها الرحمة والبركات نهديها لكم ونحن نقضي دقائق في روضة الأخلاق الإلهية التي تجلت في أوليائه الصادقين – عليهم السلام -.
إخترنا لكم أيها الأكارم، رواية تشتمل على درس جميل في بيان مرتبة سامية من مراتب خلق الكرم والعطاء؛ ننقل نص الرواية أولاً ثم نشير إلى الدرس الذي تشتمل عليه، كونوا معنا مشكورين.
الرواية رواها أحد مشاهير حفاظ الجمهور، هو إبن عساكر، ضمن ترجمة للإمام الحسن المجتبى – صلوات الله عليه – ضمن كتاب تأريخ دمشق، فقد روى بسنده عن خادم لإبن عباس هو مدرك بن زياد قال: كنا في حيطان إبن عباس، فجاء إبن عباس والحسن والحسين، فطافوا في البستان ثم جاؤوا إلى ساقية فجلسوا على شاطئها فقال لي الحسن: يا مدرك أعندك غداء؟ قلت: قد خبزنا، قال: إئت به.. قال: فجئته بخبز وشيء من ملح جريش وطاقتين من بقل، فأكل ثم قال: يا مدرك ما أطيب هذا! ثم أتى بغدائه – وكان كثير الطعام طيبه – فقال لي: يا مدرك إجمع لي غلمان البستان. قال: [فجمعتهم] فقدم إليهم فأكلوا ولم يأكل، فقلت ألا تأكل؟ فقال: ذاك كان أشهى عندي من هذا، ثم قاموا فتوضأوا، ثم قدمت دابة الحسن فأمسك له إبن عباس بالركاب وسوى عليه، ثم جيء بدابة الحسين فأمسك له إبن عباس بالركاب وسوى عليه، فلما مضيا قلت [لإبن عباس]: أنت أكبر منهما تمسك لهما وتسوي عليهما؟ فقال: أتدري من هذان؟ هذان إبنا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم أو ليس هذا مما أنعم الله علي به أن أمسك لهما وأسوي عليهما؟
مستمعينا الأفاضل، وتلاحظون في الرواية لطافة خلق الإمام المجتبى – عليه السلام – وهو يتوسل أولاً إلى إطعام غلمان إبن عباس من الطعام الطيب الذي جاءهم به مع حفظ كرامتهم إذ أكل أولاً من الخبز الذي خبزوه ثم وصف هذا الطعام البسيط بأنه أشهى وأطيب عنده؛ وهذا من أجمل مراتب الكرم الحقيقي.
وبهذه الملاحظة نختم، أيها الأكارم، حلقة اليوم من برنامج (من أخلاق السبطين) شكراً لكم وفي أمان الله.