سلام من الله عليكم أيها الأحبة ورحمة الله وبركاته.. دقائق قليلة نقضيها لقاء اليوم مع الفضائل الأخلاقية لسيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين _عليهما السلام_.
في هذا اللقاء ننقل لكم روايتين في خلقهما – صلوات الله عليهما – في جميل تواضعهما وخشوعهما لله عزوجل وحسن ثقتهما به تبارك وتعالى في أصعب الأوضاع.
وعندما نتأمل في هاتين الروايتين نتسائل إذا كانا هما – عليهما السلام – وإقتداءً بجدهما المصطفى يتضرعون لله بهذا الخشوع والتواضع وهما من أهل بيت العصمة والطهارة، فكيف ينبغي أن يكون تعامل غيرهم معه جل جلاله؟! نسأل الله أن يحبونا بالثمرة العملية للإجابة عن هذا السؤال.
أيها الأكارم، الرواية الأولى ترتبط بمولانا الحسن الزكي المجتبى – عليه السلام – وقد رواها الحافظ السروي الحلبي رضوان الله عليه في كتاب المناقب عن الإمام زين العابدين – عليه السلام – قال: "إن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حج، حج ماشياً وربما مشى حافياً، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها، وإذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عزوجل، وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم [يعني العليل] وسأل الله تعالى الجنة، وتعوذ به من النار، وكان (عليه السلام) لا يقرأ من كتاب الله عزوجل [قوله]: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ" إلا قال: لبيك اللهم لبيك، ولم ير في شيء من أحواله إلا ذاكراً لله سبحانه، وكان أصدق الناس لهجة وأفصحهم منطقاً".
أيها الإخوة والأخوات، كانت هذه صورة عن خلق السبط الأكبر الإمام الحسن – عليه السلام – في عظيم الخشية من الله والتواضع له عزوجل، أما الصورة الثانية فنختارها من سيرة شقيقه السبط الشهيد – سلام الله عليه – وقد رواها الحافظ بن عساكر في تأريخ دمشق مسنداً عن أبي خالد الكاهلي قال: لما صبحت الخيل الحسين بن علي [يعني يوم عاشوراء] رفع يديه فقال: "اللهم أنت ثقتي في كل كرب ورجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، فكم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو أنزلته بك وشكوته إليك رغبته فيه إليك عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيتنيه، فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهى كل غاية".
ونلمح – أيها الإخوة والأخوات – في هذه الصور الخلق الحسيني أسمى صور حسن الظن بالله والثقة بجميل صنعه وحسن تدبيره عزوجل في أشد مصاديق البلاء.
وبهذه الملاحظة ننهي لقاء اليوم من برنامج (من أخلاق السبطين) داعين الله عزوجل لنا ولكم بحسن التوفيق للتخلق بأخلاقهما المحمدية – صلوات الله عليهما – اللهم آمين دمتم بكل خير.