السلام عليكم أحباءنا ورحمة الله
صرحت الأحاديث الشريفة أن خلق رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان أحد الأركان التي قام عليه الإسلام، إذ أنه بحلمه عن الجاهلين وجميل تعامله معهم هدى الكثيرين إلى الإسلام.
وهذا ما تجلى في سيرة السبطين عليهما السلام، فكان لحلمهما عن المخالفين أطيب الأثر في هداية طائفة منهم إلى الهدى، ننقل لكم في هذا اللقاء نموذجين من سيرتهما؛
روى ابن عساكر في كتاب تاريخ دمشق مسنداً عن رجل من أهل الشام قال: قدمت المدينة فرأيت رجلاً جهري كحالة، أي وسيماً بهي الطلعة، فقلت: من هذا؟ قالوا: الحسن بن علي (قال): فحسدت والله علياً أن يكون له إبن مثله، قال: فأتيته فقلت: أنت ابن أبي طالب؟ قال: إني إبنه. فقلت: بك وبأبي وبك بأبيك (أي أنه أمعن في شتم الإمام عليه السلام) قال وبقي هو لا يرد إلي شيئاً، ثم قال: أراك غريباً فلو استحملتنا أحملناك وإن استرفدتنا رفدناك وإن استعنت بنا أعناك. قال الشامي: فانصرفت والله عنه وما في الأرض أحد أحب إلي منه.
والنموذج الثاني نختاره أيها الأكارم من سيرة الإمام الحسين (عليه السلام) وطريقة تعامله مع أحد زعماء الخوارج، فقد روى ابن عساكر بسنده عن عكرمة قال: بينما ابن عباس يحدث الناس إذ قام إليه نافع بن الأزرق فقال له: يا ابن عباس، تفتي الناس في النملة والقملة؟ صف لي إلهك الذي تعبد. فطرق ابن عباس أعظامه لقوله، وكان الحسين بن علي جالساً ناحية فقال: إلي يا ابن الأزرق. قال (ابن الأزرق): لست إياك أسأل!! قال ابن عباس: يا ابن الأزرق إنه من أهل بيت النبوة وهم ورثة العلم! فقال له الحسين: يا نافع إن من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في الإلتباس ضالاً عن السبيل، قائلاً غير الجميل، يا ابن الأزرق أصف إلهي بما وصف به نفسه وأعرفه بما عرف به نفسه؛ لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس، قريب غير ملتصق وبعيد غير منتقص، يوحد ولا يبعض، معروف بالآيات، موصوف بالعلامات، لا إله إلا هو الكبير المتعال.
فبكى ابن الأزرق وقال: يا حسين! ما أحسن كلامك! فقال له الحسين: بلغني أنك تشهد على أبي وعلى أخي بالكفر وعلي!! قال ابن الأزرق: أما والله يا حسين لئن كان ذلك لقد كنتم منار الإسلام ونجوم الأحكام.
والى لقاء آخر مع برنامج (من أخلاق السبطين) دمتم أيها الأطائب بكل خير.