جرت دموع المعنّى من مآقيه
شوقاً إلى النجف الأعلى ومن فيه
وصدّعت قلبه آلام فرقته
مقام قدس حباه الفخر باريه
لدينه اختاره بيتاً وعظمه
شأناً وشاد على التقوى مبانيه
حدائق الفضل تزهو من جوانبه
وأنهر العلم تجري من نواحيه
بالرشد قد سطعت نوراً مرابعه
وبالهدى لمعت حسناً معانيه
المجد يركع تعظيماً بساحته
والفخر يسجد إجلالاً بواديه
واد يضيء الحصى دراً بتربته
كالأفق قد أشرقت فيه دراريه
واد كأنّ ثراه المسك خالطه
والعطر قد فتقت فيه غواليه
*******
أرضٌ مقدّسة لم يخش قاطنها
ريب الزمان فحامي الجار يحميه
فدىً لها نفس مشتاق بها كلفٌ
يكاد يقضي أساً لولا أمانيه
يا جيرة الذكوات البيض إنّ لكم
بين الضلوع جوىً للصّبّ يشجيه
كم ليلة بات فيها بالهوى ثملاً
والشوق خمرته والوجه ساقيه
إليكم لا إلى الدنيا وساكنها
يحنّ شجواً وفيكم ما يقاسيه
يا منزلاً طال عهدي عن معاهدة
فبتّ أحي الدّجى شوقاً أناجيه
حيّاك صبذك من بعد على شغف
فهل تردّ جواباً أو تحييّه
هويت فيك النسيم العذب إذ سحراً
عليله لعليل الجسم يشفيه
هويت ماءك وهو السلسبيل غدا
رحيقه لحريق القلب يطفيه
هويت تربتك الحسناء ظللها
جوّ تقيّ يزيل الهمّ صافيه
هويت فيك مباني العلم مشرقة
منها تضيء على الدنيا معانيه
هويت فيك كراماً جلّ غايتهم
حماية الدين أو تأييد أهليه
كأن أنفاسهم فيها قد امتزجت
أنفاس عيسى لميت القلب تحييه
هويت فيك مقاماً للوصيّ سما
أفق السماء بمن قد بات يحويه
خير الورى بعد خير المرسلين ومن
لم يستقم دينه لولا مساعيه
كشاف كرب رسول الله ناصره
حامي حمى الدين فاني الكفر ماحيه