ليال بأكناف الغريّ تصرّمت
فيا ليتها بالرّوح يشرى دوامها
سقى الله أكناف الغريّ عهاده
وحيّاه من سحب الغوادي ركامها
ألا ليس ينجي النفس من غمرة الهوى
ولا ركن يرجى في ذراه إعتصامها
سوى حبّها مولى البريّة من غدا
بحقّ هو الهادي لها وإمامها
عليٌ أمير المؤمنين ومن به
تقوّض من أهل الضّلال خيامها
مقام الندى ركن الهدى كعبة غدا
على الناس فرضاً حجّها واستلامها
هو العروة الوثقى فمستمسك بها
لعمري لا يرجى لديه انفصامها
وصيّ الرّسول المصطفى ونصيره
إذا اشتدّ من نار الهياج احتدامها
ينير به المحراب إن بات ساهراً
بجنح الليالي جفنه لا ينامها
وإن نار حرب يوم روعٍ تسعّرت
وشق على قلب الجنان اقتحامها
سطا قاطعاً هام الكماة بصارم
غدا فيه يغتال النفوس حمامها
فكم فلّ جيشاً للطّغاة بعزمة
يهدّ الجبال الشامخات اصطدامها
ألا إنما أحكام دين محمّد
بجيدر أضحى مستقيماً قوامها
له معجزات يفحم الخصم ذكرها
ويسجع بالحقّ المبين حمامها
فمنها رجوع الشمس في أرض طيبة
وفي بابل إذ كاد يغشى ظلامها
فيا نبأ الله العظيم الذي به
قد اشتدّ ما بين البرايا خصامها
فمن فرقة من حبّه بالهدى نجت
وأخرى تمادى في الجحيم آثامها
فأنت لعمري فلك نوحٍٍ وجذوة
لموسى بدا من طور سينا ضرامها
لقد فزت من عند النبيّ برتبة
لهرون من موسى أتيح أغتنامها
وأعظم من ذا إن رقيت مناكباً
له قد تسامى مجدها واحترامها
فكسرت أصناماً خفضت برفعك
حتى ليس يرجى انضمامها
وكنت له في ليلة الغار واقياً
بنفس لنصر الحقّ طال اهتمامها
عشّية إذ رام العداة اغتياله
فخابت ولم تدرك مراماً لئامها
وبتّ ضجيعاً في الفراش مكانه
ولم تخش سوءاً أضمرته طغامها
وجود الفتى بالنفس أنفس جوده
وأفضل من ساد الرّجال كرامها
أبا حسن يا ملجأ الخاطىء الذي
خطاياه قد أعيى الأساة سقامها
أغث موثقاً في قيد نفس شقية
تعاظم منها إصرها واجترامها
فليس لها حسنى سوى حبّها لكم
سيغدو عليه في المعاد قيامها
وكن مسعفاً في الحشر منك بشربة
يبلّ بها إذ تحتسيها أوامها
فأنت قسيم النّار والخلد في غدٍ
إذا آن ما بين العباد اقتسامها