بسم الله والحمد لله الذي هدانا للتوسل إليه بأقرب وسائله إليه وأكرمهم عليه نبيه المبعوث رحمة للعالمين سيدنا الهادي المختار وآله الأطيبين الأطهار عليهم زاكي صلواته وتحياته آناء الليل وأطراف النهار.
السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله وبركاته؛ بتوفيق الله نلتقيكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج فأهلاً بكم ومرحباً.
أيها الأفاضل، التوسل الى الله والإستشفاع إليه عزوجل بصفوة أوليائه الصادقين هو من أوضح السنن الإلهية وأكرم الأسباب التي جعلها عزوجل للفوز بمرضاته ونيل مواهبه وعطاياه، وهذا ما دلتنا عليه كثير من محكمات آيات القرآن وصحاح أحاديث صاحب أبلغ البيان – صلى الله عليه وآله -.
ومن أهم بركات التوسل الى الله بأوليائه الصادقين ترسيخ مودتهم – عليهم السلام – في القلوب، وهذه المودة هي زاد المتقرب الى الله عزوجل بالتحلي بأخلاق أحبائه عترة نبيه صاحب الخلق العظيم – صلى الله عليه وآله.
وقد اخترنا للقاء اليوم من البرنامج طائفة من أبيات في التوسل إخترناه من قصيدة طويلة غراء في مدح سبطه المصطفى ونور بضعته الزهرا ووارثة عرفان وصيه المرتضى الصديقة الحوراء زينب الكبرى صلوات الله عليهم أجمعين.
والقصيدة من إنشاء الأديب الكويتي العالم سماحة الشيخ محمد عبدالرضا الحرزي حفظه الله نقرأ لكم ما انتخبناه من أبياتها بعد قليل فتابعونا مشكورين.
قال أخونا الأديب الحرزي وفقه الله:
إذا أَعياكَ مِنْ دُنياكَ داءُ
و عَزَّ عَلَيْكَ أَنْ فُقِدَ الدَّواءُ
و أَعسَرَتِ الأُمورُ عَلَيْكَ صَرْفاً
و ضاقَ الدَّهرُ و انكَشَفَ الغِطاءُ
تَحَرَّ لدى بِقاعِ الشَّامِ قَبراً
به للهِ يَرْتَفِعُ الدُّعاءُ
لِزَيْنَبَ وَلِّ طَرْفَكَ مُستَغيثاً
فأدنا ما يُبادِرُكَ السَّخاءُ
و أذْلِلْ ماءَ وَجهِكَ في حِباها
فَخَيْرُ الذُّلِّ ما عَزَّ الحِباءُ
تَوَسَّلْ بالعَقيلَةِ و ارتَجيها
ففي أكنافِها يَحْلو الرَّجاءُ
و لُذْ بِجِوارِ خِدرِ بَنِي نِزارٍ
بِمَن شَرَفاً تَلوذُ بها السَّماءُ
حِمى عَلْيا عليٍّ مَنْ إلَيهِم
بِأَمرِ اللهِ يَنصَرِفُ القَضاءُ
و دارُ نَداً إذا ما العامُ أكْدَى
تَفَجَّرَ مِنْ جَوانِبِها الرَّخاءُ
تَبيتُ بها جُموعُ الوَفدِ رَغْداً
فلا نَصَبٌ هُناكَ ولا عَياءُ
و إنْ شاهَدْتَ فيها المَيتَ حياً
وعاد على السَّقيمِ بِها الشِّفاءُ
فلا تَعجَبْ فإنَّكَ مِنْ تُرابٍ
ومِن ماءٍ لنا و لَكَ ابتِداءُ
و إنَّ الماءَ يُحيي كلَّ شَيءٍ
فكيف بِمَن هُمو للماءِ ماءُ
تَتِيهُ على جِنانِ الخُلْدِ قَدراً
و للوُفادِ فيها ما تَشاءُ
و إنْ تَكُنِ التَّمائِمُ في رِقابِ
الورى حِرْزاً يُرَدُّ بِهِ البَلاءُ
فإنَّ تُرابَ أرجُلِ زائِريها
يُجيرُ الخَلقَ إنْ ضاقَ الفَضاءُ
و لو أنَّ الأنامَ بها أقامَت
لما طَلَعَتْ على مَيتٍ ذُكاءُ
دِيارٌ مَنْ أطالَ المَدحَ فيها
جنى بالعِيِّ ما زَرَعَ العَناءُ
بِها أبصِرْ و لا تُبصِرْ إلَيها
و دُونَ الشَّمسِ يَكفيكَ الضِّياءُ
هُناك لِزينبٍ جَدَثٌ تساما
غداةَ طَغى على الكَدَرِ الصَّفاءُ
و مَجدٌ أيْقَنَ العُلَماءُ عَنهُ
بأنَّ العِلمَ غايَتُهُ الغَباءُ
و صَرْحٌ أنْبَأَ الدُنيا قَديماً
بأنَّ الوَحيَ تُؤتاهُ النِّساءُ
فَجُدْ إن جِئتها بالشَّوقِ وِرداً
و دَعْ لِلعَينِ ما جَهِلَ الثّناءُ
و كيفَ لَكَ الثَّناءُ بِمَنْ ثَناها
تَجلّى حينَ أنْشَأَهُ الرِّثاءُ
و إنَّ السَّيفَ أقتَلُ حالَتَيهِ
إذا نَطَقَتْ بِلَهجَتِهِ الدِّماءُ
بَدَتْ في كَرْبلا و لَرُبَّ بادٍ
تَبَدا حينَ جَلَّلَهُ الخَفاءُ
و أَضحَتْ لا كما اشتَهَتِ الأعادي
و لكن حَسبَما شاءَ الفِداءُ
بها عُرِفَ التَّجلُّدُ في الرَّزايا
و لولاها لما خُلِقَ البُكاءُ
هَوَيْتُ لِذِكرِها فَمَضَيْتُ ذُلاًّ
و قد أعيا سِوايَ الكِبرِياءُ
و دِينُ المَرءِ نِسبَتُهُ فإن لم
تكُن حالاً فَشِرعَتُهُ انتِقاءُ
و إنَّ لدى الغرامِ خَفيرَ صِدقِ
تَهَيَّبَ أنْ يُمالِقَهُ الرِّياءُ
و خَيرُ هوى الفتى ما كان عَقلاً
له عن رِبقةِ العقلِ اعتِلاءُ
فتعلو مثل زينب في البرايا
ولو ساد الكرام الأدعياء
كانت هذه مستمعينا الأفاضل بعض أبيات قصيدة طويلة غراء في مدح عقيلة المحمديين، وصديقة الطالبيين مولاتنا الحوراء زينب بنت أميرالمؤمنين – عليهما السلام – وهي من إنشاء الأديب الولائي العالم سماحة الشيخ محمد عبد الرضا الحرزي من الكويت وفقه الله لكل خير.
وبهذا نصل أيها الأكارم الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم مدائح الأنوار إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.