بسم الله والحمد لله الذي أنعم علينا بأن جعلنا من أمة خير النبيين وسيد المرسلين حبيبنا أبي القاسم محمد الصادق الأمين صلوات الله عليه وآله أجمعين.
السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله وبركاته..
أهلاً بكم في لقاء جديد من هذا البرنامج لنا فيه وقفة أخرى مع طائفة من أبيات ملحمة الإمام علي الكبرى أو القصيدة العلوية المباركة كما سماها منشؤها الأديب المسيحي المناضل عبد المسيح الأنطاكي الحلبي وقد أبدع في إنشائها فنياً ومضمونياً في ستة آلاف بيت بقافية واحدة، واهتم بطبعها مع شرحها وقد جمع فيه النصوص الشريفة والروايات التي استند إليه في مضامين هذه الملحمة وذكر في مقدمة نسختها المطبوعة بمصر سنة ۱۹۲۰ ميلادية أنه نظم هذه الملحمة وشرحها قد استغرقا العامين.
في هذا اللقاء نقرأ لكم أيها الأكارم طائفة من الأبيات المبينة عن العلاقة بين علي المرتضى وربه الأعلى تبارك وتعالى، تابعونا مشكورين.
قال الأديب عبد المسيح الأنطاكي الحلبي:
فضائل المرتضى كالشهب نيرة
وكل ذي بصر في الناس رائيها،
ما أن تعد ليحصيها الحسيب وهل
تحصى النجوم وتستقصى دراريها،
وليس ينكرها إلا المكابر والحسـ
ود والشاني الباغي تواريها،
وهبهم نكروا شمس الضحى أفيعـ
مى الناس تالله عن زاهي تلاليها،
وهل أكفهم بالشمس ظافرة
وقد أفاضت سناها كي تخفيها،
لو لا المطامع تستغوي النفوس لما
شمنا حجوداً لها في الناس شانيها،
ولا سمعنا رواة الكذب تطلب دنـ
ـياها بما قد روته من تمنيها،
والدهر نقي أباطيل الرواة ولا
شاها وضعضع شاريها ومنشيها،
وأظهر الحق وضاحاً لأعين أهـ
ــل الأرض كالشمس في أسنى تجليها،
ولاح حيدرة أسمى الخلائق إفــ
ــضالا وأرفعها قدراً وتوجيها
قال الرسول المفدى في أبي حسن
منوها باسمه في الناس تنويها،
فقال: رب البرايا في العلي أخي
قد قال لي قولة عصماء أرويها،
فقال سبحانه: أن العلي غدا
في الناس راية هدي رحت مرييها،
وأوليائي من كان الإمام لها
وكان واعظها الهادي وحاميها،
وإنه نور من في طاعتي نشأت
تجلو به في مخاطيها دياجيها،
وإنه غاية القوم الثقاة وقد
أضحى لها قدوة أمن تقديها،
أحبني من له بات المحب وقد
أطاعني من له قد طاع تجريها،
بشره في ذا فناديت الإله: بلى
بشرته وهي بشرى الحمد تاليها،
فقال: إني عبد الله نفسي في
يد المهيمن مفنيها ومحييها،
فإن قضى بعذابي ليس يظلمني
بل في ذنوبي التي قد كنت جانيها،
وإن يتم الذي قد كان واعدني
فرحمة من رحيم كان مسديها
وقلت: رباه إني قد دعوت له
ودعوتي بالرضى أنت الملبيها،
لا هم طهر خفايا قلبه وبك الإ
يمان دعه كما يرضيك يثويها،
فقال سبحانه: أبشر فعلت ولـ
ـكن دونه نوب لا شك لاقيها،
خصصتها بعلي لم أخص بها
من أوليائي فتى فهو المعانيها،
فقلت: لاهمّ ربي رحمة لعلـ
ي صاحبي وأخي إني المرجيها،
فقال: سبحانه: قد كان مبتلياً
ومبتلى تلك بلوى لست مرجيها،
وذا بسابق علمي كان واكتتبت
حروفه وقضائي كان ممليها،
هذي رواية طه في أبي حسن
لقد جرت مثلها قد كان راويها،
وإنها وحدها تكفي العلي فخا
راً إذ توجهه في الناس توجيها
وبعد أن يصور الأديب الأنطاكي ما ذكرته صحاح الأحاديث الشريفة بشأن إصطفاء الله الموصي المرتضى ينتقل لتصوير جميل تعبده – عليه السلام – لله عزوجل فيقول:
عبادة الله من أسمى الفروض على
أهل التقى فاز بالنعمى مؤديها،
بها التقي يوفي حق خالقه
حمداً على نعم ما انفك يسديها،
والمرتضى أعبد العباد أجمعها
لربه بعبادات يتليها،
وأكثر الناس صوماً عن تقى وصلا
ة كان عن ورع دوماً يصليها،
منه تعلمت الناس الهجود فتحيي
بالصلاة لباريها لياليها،
وما يظن بمن يتلو الورود بليـ
ــلة الهرير التي عمت كواديها،
جثا على النطع والأنبال مرسلة
حوليه تترى ولم يرهب رواميها
ومن وعى دعوات المرتضى ومنا
جاة بها العزة العليا يناجيها،
وما حوته من التعظيم أسطرها
لله في كل حرف من مبانيها،
مع الخشوع وإظهار الخضوع له
سبحانه حسبما ترمي فحاويها،
درى حقيقة ما في نفس حيدرة
وما أسرت من التقوى لباريها،
وإنها بعض ما في نفسه بدرت
من فيه والقلب بالإخلاص ممليها،
والمرتضى كان للخلاق منجذباً
بروحه كان بالتقوى تحجيها،
وقد تجلت لها ذات المهيمن في
أنوارها فتملت من تجليها،
عبادة ما لها إلا أبو حسن
وما سواه حقوق الله يقضيها
وبهذا نصل مستمعينا الأفاضل الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (مدائح الأنوار) قرأنا لكم بعض أبيات القصيدة العلوية المباركة للأديب عبد المسيح الأنطاكي رحمه الله.
شكراً لكم على طيب المتابعة ولكم أطيب الدعوات من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران دمتم في أمان الله.