بسم الله والحمد لله الذي أنار قلوبنا بأنوار محبة شموس هدايته للعالمين نبيه المبعوث رحمة للخلائق أجمعين وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته... أهلاً بكم في لقاء اليوم مع مدائح أهل بيت الرحمة المحمدية.
أيها الأكارم، من مشاهير علماء أهل السنة الذين تقربوا الى الله بإنشاء المدائح في أهل البيت – عليهم السلام – العالم الجليل كمال الدين أبو سالم محمد بن طلحة القرشي العدوي المولود سنة ٥۸۲ للهجرة كما في طبقات السبكي وشذرات الذهب والمتوفى في حلب سنة ٦٥۲ للهجرة.
كان – رحمه الله – إماماً في الفقه الشافعي بارعاً في الحديث والأصول، مقدماً في القضاء والخطابة، زاهداً في الدنيا وزخارفها متورعاً عن معونة السلاطين الظالمين، إنكب على النشاط العلمي في المدرسة الأمينية بدمشق متحرزاً من السلاطين؛ عرض عليه الملك الناصر سنة ٦٤۸ الوزارة فاعتذر وتنصل فلم يقبل الملك منه اعتذاره وأجبره على تقلدها فتولاها بدمشق يومين ثم تركها وانسل متخفياً في اليوم الثالث تاركاً جميع أمواله وبقي متخفياً هرباً من وزارة السلطان حتى وفاته – رحمه الله -.
ولهذا الفقيه الزاهد تأليفات عدة منها: الدر المنظم في إسم الله الأعظم، ومفتاح الغلاح في اعتقاد أهل الصلاح، وغيرها وأشهرها كتابه القيم (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول) ومنه ننقل لكم بعض ما أنشأه في مدح أهل بيت الرحمة المحمدية الذين أوجب الله مودتهم – صلوات الله عليهم أجمعين – تابعونا على بركة الله...
نبدأ بهذه المقطوعة التي أنشأها كمال الدين محمد بن طلحة القرشي الشافعي في مدح الإمام أمير المؤمنين كما جاء في مؤلفه مطالب السؤل في مناقب آل الرسول؛ قال – رحمه الله - :
أصخ واستمع آيات وحيٍ تنزّلت
بمدح إمام بالهدى خصّه الله ،
ففي آل عــمران المباهلة التي
بانـزالها أولاه بعض مزاياه ،
وأحزاب حاميم وتحريم هل أتى
شهود بـها أثنى عليه فزكّاه ،
وإحسانه لمـا تصـدّق راكعـاً
بخاتمه يكفيه في نيل حسناه
وفي آية النجوى التي لم يفز بها
سواه سنا رشـد به تَـمّ معـناه ،
وأزلفه حـتى تـبـوأ مـنـزلاً
من الشرف الأعـلى وآتاه تقواه ،
وأكنفه لطـفاً بـه مـن رسوله
بوارق أشـفاق علـيـه فـربّاه ،
وأرضعه اخـلاف اخـلاقة التي
هداه بها نهـج الهدى فـتوخّـاه ،
وانكحـه الطـهر البتول وزاده
بأنك مـنّي يـا علـيّ وآخـاه ،
وشرّفه يـوم «الغـدير» فخصه
بأنك مولى كل مَن كـنتُ مولاه ،
ولو لـم يـكن إلا قضـية خيبر
كفت شرفاً في ماثـرات سجاياه
أيها الإخوة والأخوات، ومن هذه المديحة العلوية ذات الإقتباسات القرآنية البليغة ننقلكم الى مقطوعات أنشأها في عموم أهل البيت المحمدي الفقيه الشافعي محمد بن طلحة القرشي ومنها قوله – رحمه الله -:
هم العروة الوثقى لمعتصم بها
مناقبهم جاءت بوحيِ وإنزال ،
مناقب في الشورى وسورة هل اتى
وفي سورة الأحزاب يعرفها التالي ،
وهم اهل بيت المصطفى فودادهم
على الناس مفروض بحكم وإسجال ،
فضايلهم تعلو طريقة متنها
رواةٌ عَلوا فيها بشدِّ وترحال
ومن شعره في العترة الطاهرة – عليهم السلام – قوله – رحمه الله – وهو يتوسل الى الله بأهل بيت نبيه الأكرمين:
يا رب بالخمسة أهل العبا
ذوي الهدى والعمل الصالح ،
ومَن هم سفن نجاة ومَن
والاهم ذو متجرٍ رابح ،
ومَن لهم مقعد صدقٍ إذا
قام الورى في الموقف الفاضح ،
لا تخزني واغفر ذنوبي عسى
اسلم من حرّ لظى لافح ،
فانني ارجو بحبي لهم
تجاوزاً عن ذنبي الفادح ،
فهم لمن والاهم جُنّة
تنجيه من طائره البارح نُجح ،
وقد توسّلت بهم راجيا
سؤال المذنب الطالح ،
فلعله يحظى بتوفيقه
يهتدي بالمنهج الواضح
وأخيراً نقرأ من شعر هذا العالم الزاهد وصيته المشفقة لطالبي النجاة بالتأمل في مناقب أهل بيت الرحمة والتوسل بهم الى الله كأقوى وسائل النجاة، قال –رحمه الله-:
رويدك إن أحببـت نيل المطالب
فلا تـعدُ عـن ترتـيل أي المناقب ،
مناقب آل المصطفى المهتدى بهم
إلى نعـم التقوى ورُغـى الرغائب ،
مناقب آل المصطفى قدوة الورى
بهم يبتغي مـطلـوبه كـل طـالب ،
مناقب تجلى سـافرات وجوهها
ويجلو سـناها مدلهـمّ الغيـاهـب ،
عليك بها سراً وجـهراً فـإنـها
يحلّك عنـد الله أعلـى الـمراتـب ،
وخذ عند ما يتلـو لسانك آيهـا
بدعوة قلـبٍ حاضـرٍ غير غـائب ،
لمن قام في تأليـفها واعتنى به
ليقضي من مفروضـها كـل واجب ،
عسى دعوة يزكو بها حسـناته
فيحظى من الحسنى بأسنى المواهب ،
فَمـن سأل الله الكـريم أجابـه
وجـاوره الإقـبال مـن كل جانبِ
كانت هذه مستمعينا الأفاضل مقاطع بليغة في مدح أهل بيت النبوة والدعوة الى التوسل الى الله بهم – عليهم السلام – وهي من إنشاء الفقيه الشافعي الزاهد الشيخ كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي إخترناها مما أورده في كتابه القيم (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول صلى الله عليه وآله).
وبهذا ننهي حلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله منكم جميل الإصغاء ودمتم في رعاية سالمين.