بسم الله والحمد لله الذي أنار قلوبنا بمودة مظاهر جلاله وجماله وشموس هداه وأبواب رحمته ونواله حبيبنا المصطفى المختار وآله الطيبين الأخيار صلوات الله وتحياته وبركاته عليهم آناء الليل وأطراف النهار.
السلام عليكم مستمعينا الأطائب وطابت أوقاتكم بكل خير ورحمة وبركاته؛ وأهلاً بكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج.
أيها الأفاضل، جماليات القيم الإنسانية الفطرية النقية والإلهية البيضاء، تجلت بأسمى صورها في محمد وآله الطاهرين – صلوات الله عليهم أجمعين – وهذا الأمر جذب إليهم قلوب أصحاب المشاعر الشفافة من جميع الأديان والملل، ومنهم الشعراء الذين تغلبوا على أشكال التعصبات وطفقوا يمدحون أهل بيت الجمال والجلال المحمدي بمدائح بليغة مؤثرة تنزهت عن الأطماع.
ومن هؤلاء الأدباء الشاعر اللبناني المبدع الدكتور جورج زكي الحاج، وهو مفكر مسيحي معاصر، وله في بلدة (إيعات) في منطقة بعلبك من البقاع اللبناني، وحصل على شهادة الماجستير من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية ثم نال شهادة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة قديس يوسف، وهاجر الى فرنسا ليتابع دراساته العليا في المجال الأدبي أيضاً، فنال شهادة دكتوراه ثانية في النقد الأدبي من جامعة (سراسبورك) الفرنسية.
نعيش مع أدب هذا الأديب المسيحي أهل البيت – عليهم السلام – من خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة (الإنتقاد) ونشرت على موقع العهد الإلكتروني بتأريخ ۲۷/۱۰/۲۰۱۰
ابقوا معنا مشكورين...
أيها الأفاضل، في مقابل الصورة المشوهة للإسلام يقرأها العالم المسيحي اليوم في سلوكيات الحركات التكفيرية نجد هذا الأديب المسيحي يهتز للصورة الجميلة النقية التي يقرأها في سيرة أهل البيت المحمدي – عليهم السلام -.
فيقول الدكتور جورج زكي الحاج وهو يحكي تجربته الذاتية مع قيمهم – عليهم السلام – في مديحة نثرية معبرة ومؤثرة ونموذج لطيف للنثر الفني البليغ:
(تعلمت من الحسين أن الدين محبة.. وتعلقي بشخصية الإمام الحسين لما تجسده هذه الشخصية القائد وشخصية الإمام وشخصية البطل وجدت الفادي – لنجاة البشرية – شخصيات عديدة وقيم متنوعة جمعها الحسين في شخصية، وأعتقد أن هذه القيم مدعاة فخر للإنسان كما هي مدعاة عطاء للشاعر أيضاً، وما أطمح إليه في حياتي أن أكتب ملحمة كاملة ليس في الإمام الحسين وحده، بل ربما تختصر سيرة أهل البيت كلهم، لأني أرى أن سيرة هؤلاء الأئمة رمزاً للبطولة، فيهم الثورة والإيمان والتقوى، وهم نموذج للحياة الإجتماعية الصادقة ولممارسة الدين، وللقتال في سبيل الله، وهم – باختصار – سيرة متكاملة، وأعتقد أن أهل البيت المحمدي يكفون لكتابة ملحمة طويلة وهذا ما أسعى أنا إليه).
أيها الإخوة والأخوات، ومن هذه المديحة النثرية للأديب المسيحي اللبناني جورج زكي الحاج ننقلكم الى مقتطفات من مديحة شعرية لهذا الأديب المبدع يجسد فيها بلغة الشعر بعض مضامين مديحته النثرية، ففي قصيدة له في الحسين – عليه السلام – يصور تجلي عطر القيم الإلهية في سيد الأباة فيقول:
فتى الشّهـــــادةِ ، جئتُ اليـــــــومَ أعتــــــذرُ
منكَ السّمــــــــاحُ ... وفيكَ الشّعرُ يختَمِـــــــرُ،
ثَراكِ يا كربلا ، كم لَفَّهُ عَبَقٌ،
عطرُ الألـوهـةِ في ريّاكِ يَـنْــتَـشِرُ،
في كلِّ حبّةِ رمـلٍ نـلتقي بطَلاً،
أرضُ الكراماتِ لم يَخْمُدْ لها سَعرُ....
يــاابنَ الكِرامِ ، دروبُ الظُّلمِ حالِكَةٌ ،
فالشّوكُ يَملأُها ، والوحلُ والمَدَرُ ،
والرَّبُّ عَلَّمَنا : أنَّ الهُدى كَلِمٌ
تَبقى دهورًا ، وكلُّ الكونِ يَنْدَثِرُ
فالحِقْدُ إنْ صالَ ، عطرُ الوردِ يَـدْحــَرُهُ
والبُغْضُ إنْ طالَ ، باسمِ الحبِّ يَــنْــكَسِر
ونُــصْرَةُ الحقِّ ، أعلى من ذُرى قِمَـمٍ ،
أسمى البطولاتِ باسمِ الحَقِّ تُخْتَصَرُ
إيهٍ حسينٌ ، وذكراكَ التي حُفِــرَتْ
في القلبِ ، في البالِ،آياتٍ كمـا الذِّكَرُ
تَبْقَى القَدَاسَةُ بنْتَ النَّاسِ ، يَحْمِلُها
شعبٌ أبِيٌّ ، ولوْ حُكَّامُهُ مَكَروا
وأنتَ تبقى على الأيّــَّامِ قـاطِبَةً
رمــزَ الفِــداءِ ... وهمْ رمزٌ لِمَن كَفَـــروا...
ويشير هذا الأديب المبدع آثار القيم التي خلدها الإمام الحسين – صلوات الله عليه – في الجهاد الفلسطيني المعاصر، فيقول في ختام قصيدته:
كوفِيَّةً من فلسطينَ التي ذُبحَتْ
على أيـادي فلـولٍ ... أيْنَها التَّتَـرُ
في كلِّ طفلٍ حسينٌ صامِدٌ أبدًا
في وجهِ غـازٍ ـ أمـامَ الحقِّ يَنْـدَحِرُ
طفلٌ ..! وفي مُقلَتَيْهِ النَّصْرُ مُرْتَـسِمٌ
بينَ الدّموعِ ، كما الأنداءُ والسَّحَرُ
إنْ يُمْسِكِ التُّرْبَ، يُصْبِحْ تُرْبُهُ ذَهَـبًا
وفي الوقيعَـةِ يغدو مِدْفَعا حَجَرُ !
كانت هذه مستمعينا الأطائب مديحتان نثرية وشعرية في الحسين وأهل البيت المحمدي – عليهم السلام – للأديب اللبناني المعاصر الدكتور جورج زكي الحاج قرأناها لكم ضمن حلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران أطيب الشكر وأزكاه على طيب المتابعة، دمتم في أمان الله.