بسم الله والحمد لله مفعماً بخالص الثناء والصلاة والسلام على صاحب الشرعة السمحاء والمحجة البيضاء سيد الأنبياء الحبيب المصطفى وآله الأصفياء النجباء.
السلام عليكم إخوتنا الأعزاء وأهلاً بكم في لقاء اليوم مع مدائح الأنوار الإلهية.
أيها الأكارم، صرح المؤرخون للدعوة المحمدية الغراء أن قيامها وانتصارها مرهون بالخلق المحمدي العظيم والجهاد العلوي الدؤوب والإنفاق المعطاء لأم المؤمنين مولاتنا خديجة الكبرى – صلوات الله عليه – والحماية الشاملة التي وفرها له عمه العبد الإبراهيمي الموحد والصالح السيد الجليل عبد مناف أبوطالب – سلام الله عليه.
وقد تظافرت الأحاديث الشريفة من طرق أهل البيت – عليهم السلام – في بيان كون هذا العبد الصالح من الأوصياء الإبراهيمين وقد سلم أمانات الحنيفية الإبراهيمية للنبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – وتولى حمايته قبل البعثة وبعدها بأمر إلهي معهود إليه؛ ولكن هذه الشخصية الإيمانية الفذة توجهت إليها سهام التحريف الأموي المكثف بغضاً لبني هاشم عامة ولولده الوصي المرتضى – صلوات الله عليه -، الأمر الذي استدعى نهوض كثير من العلماء بمهمة تصنيف الكتب الإستدلالية الموثقة لإثبات إيمان أبي طالب وسمو منزلته، ومنها كتاب (مواهب الواهب في فضائل أبي طالب) للعلامة المحقق والأديب الورع الشيخ جعفر النقدي من أعلام الحوزة النجفية والمتوفى في سنة ۱۳۸۰ للهجرة – رضوان الله عليه – ومن هذا الكتاب نختار قصيدة هذا اللقاء والتي نقلها العلامة الأميني رحمه الله في الجزء السابع من موسوعة الغدير، تابعونا على بركة الله.
ينطلق الأديب العالم الشيخ جعفر النقدي مما روي عن الإمام الصادق – عليه السلام – في التوسل الى الله بأوليائه عبد المطلب وإبنه أبي طالب – عليهما السلام – وإهداء ثواب الأعمال الصالحة لهما طلباً لقضاء الحوائج، من ذلك ينطلق هذا الأديب قائلاً في بدايات مديحته:
مهما تراكمت الخطوب فإنها
تجلى متى بأبي الوصي انادي
عبد المناف الطهر عم محمد
الطاهر الأباء والأجداد
غيث المكارم ليث كل ملمة
غوث المنادي بدر افق الناد
شيخ الأباطح من بصارم عزمه
بلغ الأنام لحظة الأرشاد
دانت لديه المكرمات رقابها
وإليه ألقى الدهر فصل قياد
جد الأئمة شيخ أمة أحمد
ربع الأماني مربع الوفاد
سيف له المجد الأثير حمائل
وله الفخار غدا حلي نجاد
داعي الورى للرشد في عصر به
لا يعرفون الناس نهج رشاد
هذه المقدمة تشير أيها الأفاضل الى كون العبد الصالح عبد مناف أبوطالب – عليه السلام – كان من الدعاة الى التوحيد والحنفية الإبراهيمية في زمن الجاهلية وقبل البعثة النبوية المباركة، وبعد البعثة واصل أبوطالب – سلام الله عليه – دوره الإلهي من خلال حمايته لسيد الرسل الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله – دوره الإلهي من خلال حمايته لسيد الرسل الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله – وهذا ما يتطرق إليه في الأبيات التالية العلامة المحقق الشيخ جعفر النقدي حيث يقول – رضوان الله عليه -:
وله على الاسلام من سنن غدت
للمسلمين قلائد الأجياد
كفل النبي المصطفى خير الورى
ورعى الحقوق له بصدق وداد
رباه طفلا واقتفاه يافعا
وحماه كهلا من أذى الأضداد
ولأجله عاد قريش بعدما
سلكوا سبيل الغي والافساد
ورآهم متعاضدين ليقتلوا
خير البرية سيد الأمجاد
فسطا بعزم ناله من معشر
شم الأنوف مصالت أنجاد
وانصاع يفدي أحمد في نفسه
والجاه والأموال والأولاد
وأقام ينصره إلى أن أصبحت
تزهو شريعته بكل بلاد
أفديه من صاد لواء للهدى
يحمي لأفصح ناطق بالضاد
قد كان يعلم أنه المختار من
رب السماء عميد كل عماد
ولقد روى عن أنبياء جدوده
فيه حديثا واضح الاسناد
وعلا به عينا على كل الورى
إذ قال فيه بمطرب الإنشاد
إن أبن آمنة النبي محمدا
عندي يفوق منازل الأولاد
راعيت فيه قرابة موصولة
وحفظت فيه وصية الأجداد
يا والد الكرار والطيار
والأطهار أبناء النبي الهادي
كم معجز أبصرته من أحمد
باهلت فيه معاشر الحساد
من لصق أحجار ومزق صحيفة
ونزول أمطار ونطق جماد
لا فخر إلا فخرك السامي الذي
فقئت به أبصار أهل عناد
إن المكارم لو رأت أجسادها
عين رأتك الروح للأجساد
شكر الآله فعالك العز التي
فرحت بها أملاك سبع شداد
لله همتك التي خضعت لها
من خوف بأسك شامخ الأطواد
لله هيبتك التي رجفت بها
أعداء مجدك عصبة الإلحاد
لله كفك كم بها من معدم
أحييت في الأصدار والإيراد
كانت هذه مستمعينا الأطائب طائفة مختارة من أبيات قصيدة غراء في مدح شيخ البطحاء ووالد الأئمة المحمديين الأوصياء – عليهم السلام – سيدنا العبد الصالح عبد مناف أبوطالب بن عبد المطلب – عليهما السلام – والقصيدة هي مما تقرب به الى الله تبارك وتعالى العلامة المحقق والأديب التقي الشيخ جعفر النقدي وأوردها في كتابه القيم (مواهب الواهب في فضائل أبي طالب)، فجزاه الله خير الجزاء.
وبهذا ننهي من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران لقاء اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) نشكر لكم طيب المتابعة ودمتم في رعاية الله.