بسم الله والحمد لله الذي هدانا للتقرب اليه بالإستنارة بأنوار مناري هدايته للعالمين وعروته الوثقى وحبله المتين قرآنه الكريم وأهل بيت سيدنا المصطفى الأمين محمد – صلوات الله وتحياته عليه وآله الأطيبين -.
السلام عليكم أيها الأطائب، طبتم وطابت أوقاتكم بكل خير ورحمة وبركة...
أيها الأفاضل، إن من أعظم حقائق الإيمان الكامل معرفة الوسائل التي أمرنا الله عزوجل في قرآنه المجيد بالتوسل اليه ابتغاء مرضاته تبارك وتعالى، وقد هدتنا كثير من النصوص الشريفة الى ان هذه الوسائل تتمثل في أهل بيت النبوة فباتباعهم – عليهم السلام – يتحقق اتباع سيدهم المصطفى – صلى الله عليه وآله – وبذلك يفوز المؤمن بحب الله جل جلاله.
وهذه الحقيقة الإيمانية المصيرية هي التي تمثل محور الأبيات التي اخترناها للقاء اليوم مع مدائح الأنوار، وهي قصيدة طويلة في بيان دور أهل البيت المحمدي في حياة المسلم، أنشأها عالم جليل من أعلام الحاضرة العلمية في الحلة العراقية التي كانت من أبرز حواضر الحوزات الدينية في القرون الهجرية السادس الى العاشر، إنه الأديب العالم ابن العودي النيلي المتوفى سنة ٥٥۸ للهجرة، وقد تحدث العلامة الأميني في موسوعته القيمة (الغدير) مفصلاً عنه – رضوان الله عليه – تابعونا على بركة الله.
يبدأ الأديب العالم الشيخ ابن العودي النيلي قصيدته الغراء بمقدمة وجدانية مؤثرة في الإعراض عن اتباع الشهوات والإنابة الى الله عزوجل والتوسل إليه بمدح حبيبه المصطفى وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، قال – رضوان الله عليه -:
بكيت على ما فات مني ندامة
كأني خنس في البكا أو متمم
وأصفيت مدحي للنبي وصنوه
وللنفر البيض الذين هم هم
هم التين والزيتون آل محمد
هم الطوبى لمن يتفهم
هم جنة المأوى هم الحوض في غد
هم اللوح والسقف الرفيع المعظم
هم آل ياسين وطاها وهل أتى
هم النحل والانفال إن كنت تعلم
هم الآية الكبرى والركن والصفا
هم الحج والبيت العتيق المكرم
هم في غد سفن النجاة لمن وعى
هم العروة الوثقى التي ليس تفصم
هم الجنب جنب الله في البيت والورى
هم العين في منهاجهم حيث يمموا
هم الغاية القصوى هم منتهى الهدى
سل النص في القرآن يُنبئك عنهم
هم في غد للواردين سقاتهم
إذا وردوا والحوض بالماء مفعم
هم باهلوا نجران من داخل العبا
فعاد المناوي فيهم وهو مفحم
وأقبل جبريل يقول مفاخراً
لمكيال من مثلي وقد صرت منهم
فمن مثلهم في العالمين وقد غدا
لهم سيد الأملاك جبريل يخدم؟
ومن ذا يساويهم بفضل ونعمة
من الناس والقرآن يؤخذ عنهم؟
وفي هذه الأبيات – مستمعينا الأفاضل – إشارة الى حديث الثقلين المتواتر الذي حصر فيه النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – النجاة من الضلالة بالتمسك بالقرآن والعترة معاً لأن أئمة العترة – عليهم السلام – هم العارفون بالحقائق والأحكام الكامنة في بطون كتاب الله العزيز، ولذلك يكون كمال الدين باتباعهم لأنهم أبواب مدينة العلوم المحمدية فصلاتهم هي الصلاة المحمدية وكذلك حال صومهم وحجهم وسائر العبادات والمعاملات الإسلامية... وهذا ما يبينه أديبنا ابن العودي النيلي في الأبيات المتقدمة والأبيات اللاحقة قال – رضوان الله عليه – في بعضها:
هم شرعوا الدين الحنيفي والتقى
وقاموا بحكم الله من حيث يحكم
أبوهم أمير المؤمنين وجدهم
ابوالقاسم الهادي النبي المكرم
الى الله أبرأ من رجال تتابعوا
على قتلهم يا لله كيف أقدموا
حموهم لذيذ الماء والورد مفعم
وأسقوهم كأس الردى وهو علقم
فما عذرهم للمصطفى في معادهم
إذا قال: لم خنتم علياً وجرتم
وما عذرهم إن قال: ماذا صنعتم
بصنوي من بعدي وماذا فعلتم
نبذتم كتاب الله خلف ظهوركم
وخالفتموه بئس ما قد صنعتم
وخلفت فيكم عترتي لهداكم
فكم قمتم في ظلمهم وقعدتم
فيا رب بالأرواح آل محمد
نجوم الهدى للناس والأفق مظلم
وبالقائم المهدي من آل أحمد
وآبائه الهادين والحق معصم
تفضل على (العودي) منك برحمة
فأنت إذا استرحمت تعفو وترحم
تجاوز بحسن العفو عن سيئاته
إذا ما تلظت في المعاد جهنم
ومن عليه من لدنك برأفة
فانك أنت المنعم المتكرم
فإذا كان لي ذنب عظيم جنيته
فعفوك والغفران لي منه أعظم
وإن كنت بالتشبيب في الشعر ابتدى
فإني بمدح الصفوة الزهر أختم
جزى الله خير الجزاء الأديب الحلي المؤمن العالم الجليل الشيخ ابن العودي النيلي على صدق ولائه لأهل بيت سيدنا المصطفى – صلى الله عليه وآله – وعلى هذه الأبيات الإيمانية في التوسل بهم الى الله تبارك وتعالى.
وجزاكم الله خيراً أيها الأكارم على كرم المتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) ولكم دوماً من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران خالص الدعوات، دمتم في رعاية الله آمنين والحمد لله رب العالمين.