بسم الله والحمد لله الذي هدانا لسادة عباده المخلصين وأسوة العارفين سيدنا المصطفى الأمين وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين.. أهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج.
أيها الأفاضل، تجمعت كل صفات الخير في اهل بيت الرحمة – عليهم السلام – ولذلك صار ذكرهم يحيي في النفوس وينمي في القلوب كل قيم الخير.
والعبادة هي أسمى قيم الخير فهي وسيلة العروج الى أزكى مراتب الكمال من القرب الإلهي.. والدعاء هو لبها المعبر عن الإرتباط والأنس بالله تبارك وتعالى، وقد ضم تراث أهل البيت – صلوات الله عليهم – أسمى نماذج الدعاء والمناجاة والأنس بأنيس الذاكرين جل جلاله، وعلم هذا التراث الدعائي هو الصحيفة السجادية المباركة وهي التي تصفها الأحاديث الشريفة بأنها (زبور آل محمد صلى الله عليه وآله).
وما أكثر الذين اعتنقوا الإسلام أو انجذبوا الى مذهب أهل البيت – عليهم السلام – ببركة التأثر بهذه الصحيفة المباركة ولم لا وهي صادرة من قلب من لقبه الله عزوجل بلقب (زين العابدين).
وهذا هو محور قصيدة (أمير الساجدين) التي أنشأها في مدحه الأديب الولائي المعاصر الأخ عصام ناجي العامدي، نقرأها لكم بعد قليل، فابقوا معنا مشكورين.
يبدأ الأخ العامدي قصيدته مخاطباً رابع الأوصياء المحمديين والخلفاء الراشدين بقوله:
يَا مَنْ تَذَوَّقْتَ العِبادَةَ وَ التُّقَى
وَوُصِفْتَ زَينَ العَابِدِينَ السَّاجِدِينْ
اليَومَ كَانَ مَعَ الصَّحَائِفِ مُلتَقَى
يَصبُوْ إِلَيهِ حُسنُ ذَوقِ الذَّائِقِينْ
قَلَمِي لِعِلمكَ يَا إِمَامِي قَد انْتَقَى
كَي يَنقُلَ العِلمَ البَدِيعَ المُستَبِينْ
لِمَ لا وَ أَنْتَ لِعِلمِ طه مَنْ سَقَى
كُلَّ الضَّمَائِرِ وَ القُلوبِ بِكُلِّ حِينْ
وَ سَكَبْتَ مِنْ ثَغْرِ الرَّسولِ المُنْتَقَى
عِلمَاً يَقِينَاً فِي ضَمِيرِ المُؤْمِنِينْ
فَصَحِيفَةُ السَّجَّادِ كَنزٌ قَدْ بَقَى
ذُخرَاً لِكُلِّ العَارِفينَ المُتَّقِينْ
وَ صَحِيفَةٌ كَانَتْ صلاتٍ مَوثِقَا
بَينَ العِبادِ وَ رَبِّ كُلِّ العَالَمِينْ
فِي مُجْمَلِ الأوقاتِ كَانَتْ مُلتَقَى
بَينَ الإِلهِ وَ قَلبِ كُلِّ الطالِبِينْ
مستمعينا الأفاضل، وفي مقطع لاحق من قصيدة (أمير الساجدين) يتطرق أخونا الأديب عصام العامدي، الى نماذج من أدعية الصحيفة السجادية مشيراً الى عظيم آثار التوجه بها الله عزوجل في إعانة المؤمن على التحلي بصفات المتقين والتي بينها الإمام علي – عليه السلام – عندما طلب منه العبد الصالح (همام) ذلك، قال الأخ عصام حفظه الله:
دَعَواتُ أَيَّامٍ كَحِصنٍ قَد وَقَى
مَنْ يَستَجِيرُ بِهِ دُعاءُ الذَّاكِرِينْ
بِخُشوعِ قَلبٍ فِي دُموع مُغْرَقَا
حبَّاً لِرَبٍّ كانَ دَمعُ الخَاشعِينْ
قولاً أَمانَاً فِي مُناجاةِ التُّقَى
كَانَ الدُّعاءُ بها أَمانَ التائِبِينْ
يَسْعَى إِلَى الرَّحمنِ تَسبِيحٌ رَقَى
فَجَزَاهُ رَبِّي نَولَ كُلِّ الخالِدِينْ
قَد قَالَ حَقَّاً بَلْ مَقالاً شيِّقَا
خَفَقَ الفُؤَادُ إِلَيهِ عِندَ العارِفِينْ
ارْجِعْ لِهَمَّامٍ ستَعرِفُ لاحِقا
فِي كَعبَةِ الإِسلامِ حُكمَ المُنصِفِينْ
يَبدُو لَكَ السَّجَّادُ وَجهَاً مُشرِقَا
قَولاً وَ فِعلاً فِي ضمِيرِ العَاشِقِينْ
ونلمح أيها الأفاضل، في هذه القصيدة إشارات لطيفة الى ان قوة تأثير أدعية الصحيفة في القلوب ثمرة تحلي منشؤها الإمام السجاد – عليه السلام – بأسمى صفات المخلصين لله عزوجل، ويستشهد الشاعر بقصيدة الفرزدق الشهيرة في مدحه، قال أديبنا عصام العامدي:
كَانَ الفَرَزْدَقُ مِنْهُ شعرِي مُنْتَقَى
شِعرَاً نَقِيَّاً هَزَّ طَبلَ السامِعِينْ
هذا ابْنُ فَاطمَةٍ بِهَا يَحلُو اللِّقا
وَ بِجَدِّهِ خَتَمَ الإِلهُ المُرسلِينْ
العِلمُ وَ الأخلاقُ فِيهِ تَوَافقا
عَفوَاً وَ لِلغَيظِ إِمَامُ الكَاظمِينْ
كَانَ التَّعَبدُ خَطهُ المُتَألِّقا
وَ بِذَا تَلَقبَ زَينَ كُلِّ العابدِينْ
حَتَّى لأعدَاءٍ غَدَا مُتَشوِّقَا
تَعلِيمهمْ تِلكَ النوافِلَ بِاليَقينْ
لكِنَّ حَظاً لَنْ يَكونَ موَفَّقا
حَتَّى يَنَالُوا أَجْرَ تِلكَ الرُّكْعَتينْ
تِلكَ الصلاةُ غَدَتْ بِنَهْج مَوثِقَا
فَكَمَا صلاةُ اللَّيلِ عِندَ المُتَّقِينْ
صلتْ بِهَا بِنتُ الوَصِيِّ تَعَلُّقَا
في لَيلِ عَاشورَاءَ فَخرُ المُسلِمِينْ
إِذْ كَالوَصيِّ خليقةً وَ تخلقا
بَلْ مَنْ حَمَتْهُ مِنَ البُغَاةِ الظَّالمِينْ
قَدْ أَصبَحَتْ في الشامِ بَدرَاً مُشرِقَا
الكَعبَةَ ، التَّقوَى ، عَرِينَ الثائِرِينْ
مِنْ دَارِها المَيمونِ أَبعثُ مُبرِقَا
وِدَّاً سلاماً لأمِيرِ الساجِدِينْ
يَا رَابِعَ الخلفاءِ أُرفقُ زَنبقَا
عَذْبَ الأرِيجِ مِنْ رِيَاضِ الغُوطَتَينْ
جزى الله خير الأديب الولائي الأخ عصام ناجي العامدي عن إمامه وإمامنا زين العابدين على قصيدة (أمير الساجدين) التي أنشأها في مدحه – عليه السلام – اللهم آمين.
وبهذا نصل الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (مدائح الأنوار) قدمناها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.. شكراً لكم وفي أمان الله.