بسم الله والحمد لله الذي هدانا للإستضاءة بمشارق نوره المبين حبيبه المبعوث رحمة للعالمين سراجه المنير وآله، أهل آية التطهير صلوات الله وتحياته عليهم أجمعين.
السلام عليكم مستمعينا الأكارم وأهلاً بكم في حلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) نخصصها للمقاطع الختامية الثلاثة لرائعة بديعة أنشأها أديب مسيحي في مدح سيد الوصيين بعد أن توسل به – عليه السلام – إلى الله جلت قدرته فأنجاه من مرض عضال قرر الأطباء بسببه قطع رجله، فأغناه الله عن ذلك وتفضل عليه بالشفاء فشكره بدراسة حياة وليه المرتضى وكتابة مديحة غراء تقرب من مئتي بيت، إنه الأستاذ خليل فرحات من أعلام الأدب اللبناني في القرن العشرين.
وقد طبعت هذه المديحة في ديوان مستقل تحت عنوان (في محراب علي) وقرأنا لكم معظمها في حلقات سابقة وبقت مقاطعها الختامية التي يصور فيها تفاعله مع كتاب نهج البلاغة، كونوا معنا.
قال الأستاذ فرحات في المقطع السادس عشر تحت عنوان (على دروب النهج) بعد الإشارة في المقطع السابق إلى إمامة المرتضى في البلاغة:
ولم لا؟ وأنت النهج ساغ مواعداً
وساغ وعيدا في الخيار وفي القسر!
إذا انداح طيب النهج فهو موائد
غراب وسكب الراح في شعشع الدر
وتحويم تيجان ورقص صوالج
وتطريب أبكار على أربع خضر
وتبكير كبار ورجعى خلائق
إلى ربها مرفوعة الرأس والصدر
وإن طن سيف النهج أو رن سهمه
فكل سهام القول ردت إلى النحر
أخال الألى مدوا إليك مدارجا
لإدراك كنه الشعر أو بجدة النثر
بظل بروج النهج أهوت دراجهم
كأهواء برج الشرك في الأزمن الغبر
كلام كوجه السعد طارف لفظه
وتالده كالكنز في أمنع الجزر
يريك بلا حصر عجيباً من الرؤى
ويسمع فذ النغم أيضاً بلا حصر
وتأخذك الآيات بعض مع المدى
وبعض إلى الفردوس فالعرش فالسدر
كأن بنا التركيب رف بأجنح
وضرب من الأرياح ترفق بالسفر
يحار بها المأسور هل كان أسره
من النغم المسحور أم شدة الأسر؟
مقاصير للنجوى بها تحرم الرؤى
كما يحرم العباد في هيكل السحر
هو النهج معراج جديد إلى السما
بل النهج معراج إلى قلبك العذري
وما النهج والقرآن إلا تلازماً
وإن يكن القآن أناى عن الشعر
وما عجب فالعارفون توافقوا
على أنه ظل الألوهة في القدر
وفي النهج أشياء الأناجيل جملة
وليس يحار المرء في الملهم السري
بيانك لم ينهض لكسف بيانها
ولكنك النقاش يخلد في الصخر
بعيني أفدي النهج إني ربيبه
فوجد كلا وجد ودر كلا در!
تتبعته والله حتى رأيتني
مليك ملوك الفكر والكلم البكر
فانت بقصر القول وحدك ربه
وكل ملوك القول من خدم القصر
أيها الإخوة والأخوات، وفي المقطع السابع عشر في مديحة (في رحاب علي) يتطرق الأديب الأستاذ خليل فرحات إلى استلهامه دروس الحياة الطيبة وسعادة الدنيا والآخرة من نهج البلاغة وأهل بيت المحمدية – عليهم السلام – فيقول تحت عنوان (على الصراط).
وليي ولي النهج دنياي بيته
وصحب له عالون في معجز السفر!
أراني على بشر إذا ضمني لهم
معادي وإلا فالجون على عبر
حسين أبو الأبرار سيد رحلتي
خلال دهاريري المحملقة الخزر
وفي نفسي نعمى أنني اليوم داخل
إلى حرم الأسياد والعترة الطهر
أجوز مجاز النور حتى يقودني
إلى منبر التكوين علامة النبر
هناك ملقاي الضمائر حرة
هناك خلاص الروح من ليلها الغمر
هناك للزهراء عرش مؤثل
وهن لها زهر يجلببن بالفخر
غوال معانيهن يسبقن في العلا
أساطير أبطال رجال حجىً خطر
إذا هانت الأوطان قمن لنصرها
قيام سارة الجود والخلق الندر
وإن ضيم إسلام كررن إلى الوغى
ومن خولة من؟ عند كابسة الزر
تفجر كل الأرض صونا لأرضها
وتخجل حتى الشمس من وهجها الذري
بهن يزيد الله حسنا جنانه
وفيهن يلقى اليأس مبتسم الثغر
ويختار الأديب المسيحي اللبناني الأستاذ خليل فرحات للمقطع الختامي لملحمته الغراء (في محراب علي) عنواناً بديعاً هو (السكر المقدس) ملخصاً شدة تأثره بالقيم الإلهية التي جلاها مولى الموحدين – عليه السلام – قائلاً:
حببت علياً بل عبدت صفاته
بلى.. تعبد العطار قارورة العطر!
فيا سيد النهج العظيم ترفقن
بأحلامي السكري وسبحان ذا السكر!
وبهذا ننهي أيها الأطائب حلقة أخرى من برنامجكم (مدائح الأنوار) إستمعتم لها مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم ودمتم بألف وألف خير.