بسم الله والحمد لله الذي أكرمنا بمعرفة أنوار هدايته وكنوز رحمته، حبيبه الهادي المختار وآله الأطهار صلوات الله ربي عليهم آناء الليل وأطراف النهار.
السلام عليكم مستمعينا الأطائب وأهلاً بكم في حلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) نخصصها لقراءة ثلاثة مقاطع أخرى من إحدى غرر الأدب الإنساني أنشأها أديب مسيحي معاصر هو الأستاذ خليل فرحات من أعلام الأدب اللبناني في القرن العشرين، وهي في مدح صوت العدالة الإنسانية خليفة المصطفى الوصي المرتضى عليهما وآلهما أفضل الصلاة والسلام، وقد أنشأها شكراً لله إثر شفائه من مرض عضال هدده بقطع رجله بالكامل بعد توسله إلى الله بوليه المرتضى.
وتتميز هذه القصيدة ذات الصبغة الفلسفية بعمق الرؤى التي تشتمل عليها في معرفة بعض جوانب شخصية سيد الوصيين – عليه السلام – تابعونا على بركة الله.
قبل أن نقرأ المقطع الرابع من ديوان (في محراب علي) المطبوع في مدينة زحلة اللبنانية، نشير إلى معاني بعض مفرداتها، فمعنى قوله (تشيم بك الأشياء) هو ترى فيك، ومعنى (مضطرم السحر) هو عالي الصوت، قال هذا الأديب المسيحي تحت عنوان (أمل الوجود) مشيراً إلى إستجماع الإمام علي – عليه السلام – لما تطمح إليه الأشياء:
تشيم بك الأشياء مكون سرها
وما تعبت منذ الخليفة بالسر
لأنك أنت الشيء عند طموحه
ألست شموخ الطود مع هدرة البحر
ألست مواعيد النسيم مع الشذا؟
ألست خيال الشمس مع هللة البدر؟
وتهدي لك الأكوان فعلا ومأملا
ويأوي إليك الوقت مضطرم السحر
خذ الريح إن هبت وإن سكنت بدت
تنفذ ما قررت سطراً على سطر
خذ البحر في مد المياه وجزرها
فقولك حالاه لدى المد والجزر
خذ الشمس إذ كفاك قالا بعودة
فشمس غروب تلك عادت إلى العصر
وما عجب فيها استجابت على رضى
أليست هي الدنيا وتصدع بالأمر؟
خذ الصمت في الصحراء هوم خاشعاً
يصيخ إلى النجوى وأنت تسري
وإن تسأل الجوزاء من بات ربها
أشارت إلى علياك بالأنمل العشر!
أسرت نهى الأشياء إذ نلت كنهها
ونامت على النعماء في ذلك الأسر
أيها الإخوة والأخوات، وفي المقطع الخامس إشارات لطيفة إلى دور خصال الوصي المرتضى وأخلاقه في هداية الخلق إلى معرفة ربه الأكرم تبارك وتعالى، قال الأستاذ خليل فرحات تحت عنوان (مستهلك الزمان).
دللت على الرحمان هل كنت غيره؟
ففيك استوى الرحمان بالفعل والفكر
وفيك تجلت قدرة الله آية
كما شعشعت في الضوء خالصة الدر
وفيك رأى الوجدان معنى وجوده
وقيمة عيش المرء في مهمة العسر
تعالت بك الأرضون واشتد ظهرها
فلولاك هذي الأرض مقصومة الظهر!
ولولاك ما الإنسان ما الخلق كله
سوى هذه الأمواه تناسب في النهر
وما كانت الأخلاق غير مجاجة
لو انجردت يوماً من المثل لغرّ!
وحتى سماء الله لولاك ما نضت
ألوف معانيها ألوفاً من الستر
وإنك للألواح من لاق حبرها
وألواحك الغراء مفردة الحبر
وأنت على الأدهار مستهلك لها
كما كنت في الأذكار مستقدم الذكر
وقد جاء في الأخبار أنك مبتدا
وأنك قسام بغاشية الحشر
وبعد هذه الإشارات البليغة إلى كمال عبودية الوصي المرتضى لربه الرحمان بحيث صار مجرى لمشيئته والدلالة عليه – عزوجل – وقسيماً للجنة والنار، ينتقل الأستاذ خليل فرحات إلى بيان دور المرتضى في نشر قيم سيده الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله – فنقرأ قوله في المقطع السادس تحت عنوان (فاتح الأفكار):
إمام الفتوحات الكبار بلا ثرى
وحابس أنفاس العباقرة الصدر
لديك شهودالحق غرقى عيونهم
بحسن سوى المنساب من عسل النهر
سوى الحور والولدان واللبن الذي
ترضبه الأبرار في جنة اليسر
فنهجك دنيا الحق! أي تصور
يقول وعاها إنما ضاع في النزر
وكم قيل فردوس لآمال عالم
أجل من الإنسان والسدم الصحر
فيوض جمالات كأن العلا بها
تعالت عن المروي في الكتب الزهر
محاسن فوق اللون والطعم والشذا
كأحلام بداع تراوح في الحجر
يخاف عليها الضوء صونا لسرها
وما كل حسن السر يحصل في الجهر
إليها الطباع السبع حج حجيجها
وإني في الأرضين حجي على الإثر
ولما كتاب الله أعجز قومه
وأغلق لم يفتح على الجلة الكبر
فتحت عليه الباب فالضوء مبهر
ولكن فتى الأضواء ما ضج للبهر
فإنكما من قبل قد كنتما معا
ومر زمان بعد آذن بالهجر
وعاد لقاء النيربين بأحمد
وعز بك الإسلام كالشمس في الظهر
فمصحف رب الناس قول وفعله
إمام ومن لم يدر ذلك فليدر!
كانت هذه – مستمعينا الأكارم – بعض مقاطع ديوان (في محراب علي) التي أنشأها في مدح صوت العدالة الإنسانية الوصي المرتضى – عليه السلام – الأديب اللبناني المسيحي المعاصر الأستاذ خليل فرحات.
نشكر لكم أيها الأطائب طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامج (مدائح الأنوار) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران دمتم بألف خير وفي أمان الله.