بسم الله وله الحمد والثناء إذ رزقنا محبة صفوته الرحماء وأنوار هدايته النجباء سيد الأنبياء وآله الأوصياء صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين ، تحية من الله مباركة طيبة، إن من أهم أبعاد المظلومية في واقعة عاشوراء وملحمة سيد الشهداء سلام الله عليه، أن الجفاة الذين ارتكبوا مجازرها الفظيعة هم أشد الناس غدرا وجبنا و لؤما و رغم ذلك فقد سيطروا على مقدرات المسلمين وادعوا إمرة المؤمنين و خلافة سيد المرسلين –صلى الله عليه وآله–. وعلى الجانب الآخر فإن ضحايا هذه الواقعة الفجيعة هم أطهر خلق وأنبلهم وأشجعهم وأشدهم رأفة بخلق الله وأحرصهم على دين الله وأحفظهم لكتاب الله وأرعاهم لحقوق الله فهم أهل بيت رسول الله – صلى الله عليه وآله –، ورغم ذلك يستنصرون فلا ينصرون ويستغيثون فلا يغاثون...
هذا البعد المأساوي في واقعة كربلاء يجسده لنا في القصدة التالية الفقيه الورع آية الله الشيخ هادي كاشف الغطاء صاحب كتاب (مستدرك نهج البلاغة) والمقبولة الحسينية وغيرها من المصنفات النافعة و المتوفى رضوان الله عليه سنة ۱۳٦۰ للهجرة النبوية المباركة.
قال الشيخ هادي كاشف الغطاء – رضوان الله عليه – مشيرا إلى أبعاد المصاب الحسيني المهول:
أتعلم أيها السيف الصقيل
بحدك في الطفوف من القتيل
ومن تبكي السماء دما عليه
و من ينعاه فيها جبرئيل
و من بمصابه خير البرايا
معزى و البتول به ثكول
أتدري من قتلت قتلت فردا
من الأشراف يفديه القبيل
به فقدت لؤي طود عز
تزول الراسيات و لا يزول
تفل لمؤمل المعروف رأسا
فقد أودي المؤمل و المنيل
لئن جزع الصبور فرب خطب
به لا يحسن الصبر الجميل
أرى حسنا بكاك على حسين
و يحسن فيه نوحك و العليل
فيا كهف الأرامل من يرجي
و أنت لقى تكفنك الرمول
ويا غوث الصريخ من المحامي
إذا ما فاجأ الخطب المهول
قضيت مبرءا من كل عيب
فما يدري حسودك ما يقول
بيوم تظمأ الأبطال فيه
و يروي الرمح و العضب الصقيل
لقرع السمهري به دوي
و وقع المشرفي له صليل
إذا رعدت لبرق ضباك نفس
جرت في الأرض من دمها السيول
أبت لك يا أبي الضيم نفس
مقدسة زكت منها الأصول
بني عمرو العلى هبوا سراعا
فقد أودى بعزكم الخمول
و يقرع من شهيد ثغر مجد
و قدما كان يلثمه الرسول
فلا بلغ الفطام لكم رضيع
وطفل السبط تفطمه النصول
و لا عذب الفرات لكم شرابا
و ليس له إلى ورد سبيل
و فوق اليعملات بنات وحي
لها من هيبة الباري سدول
سرت وحماتها في الأرض صرعي
مرملة و كافلها عليل
قضوا حق العلى و مضوا كراما
على الأسلات أنفسهم تسيل
حلا مر الحتوف لهم مذاقا
كأن الموت شهد سلسبيل
و قد ثبتوا هضاب حجى بيوم
تطيش به البصائر و العقول
وجادوا في النفوس و ليس فيهم
فتى بنفيس مهجته بخيل
و قد هد الإمام مصاب شبل
تحامته الضراغم و الشبول
رآه على الثرى شلوا فنادي
وجاري دمع مقلته همول
على الدنيا العفاء فما أراها
تطيب و أنت منعفر جديل
لكنت الكواكب الدري ضاءت
أشعته ففاجأه الأفول
رحم الله الشيخ الجليل آية الله الشيخ محمد هادي كاشف الغطاء – رضوان الله عليه – وجزاه الله خيرا على هذه القصيدة الحسينية التي اخترناها للقاء اليوم من برنامج (مدائح الأنوار) ، نجدد لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران خالص التحيات وصادق الدعوات ودمتم بألف خير .