بسم الله وله الحمد والثناء في العافية والبلاء والسراء والضراء وأزكى صلواته على صفوته النجباء سيد الأنبياء وآله الأوصياء السلام عليكم أيها الأكارم ورحمة الله .
إن من أهم ما يميز واقعة عاشوراء اجتماع الروح الملحمية والحماسة الفريدة بأسمى وأزكى صورها مع المظلومية الطاهرة بأعلى درجاتها . وقد تجلت هذه الخصوصية في الشعر الحسيني ومراثي أبطال كربلاء – عليهم السلام – ومنهم شبيه المصطفى ووارث المرتضى وفتى الحسين ومهجة قلبه مولانا علي الأكبر – صلوات الله عليه – .
لقد شهدت وقائع يوم عاشوراء تجسيد أنقى مظاهر الشجاعة الحيدرية مقرونة بالجمال المحمدي والبهاء الفاطمي .. وهو – عليه السلام – الذي جندل في لحظات بكر بن غانم أشجع فرسان الشام مثلما جندل جده المرتضى مرحب بطل اليهود ويوم خيبر ..
وهو – عليه السلام – أيضا الذي أفجع لؤم الأعداء وغدرهم وبشاعة تمثيلهم بجسده الطاهر ، أفجع أباه الحسين صلوات الله عليه وهو يرى عظيم جرأتهم على الله بقتلهم شبيه رسول الله – صلى الله عليه وآله – .
وهذا ما نلحمه في مرثية هذا اللقاء وهي من إنشاء مؤلف كتاب (الأنوار العلوية) العالم الأديب الشيخ جعفر النقدي رضوان الله عليه .
قال الشيخ جعفر النقدي رحمه الله :
لتبك بقاني الدمع بين الملاحم
لشبه رسول الله أسياف هاشم
فقد وزعت أشلاؤه في جموعهم
و ما قرعت حرب له سن نادم
صبيحة أضحى السبط لم يرّ ناصرا
يدافع عنه غير رمح و صارم
هناك علي الأكبر الطهر للقا
تحلى بعضب للأباطل حاسم
و حزم يزيل الراسيات وعزمه
أحد وأمضى من حدود الصوارم
و وجه كبدر التم يشرق نوره
عليه جلال الله بدر الفواطم
فماجت بنو سفيان تحت حسامه
و قد بلغت أرواحها للحلاقم
فمن قائل هذا هو الندب حيدر
و من قائل ذا أحمد ذو المكارم
وزاغت به أبصار أعداه مذ رأت
له سطوات أقعدت كل قائم
فما أحد منه تلقى حسامه
هنالك غير الرجس بكر بن غانم
فبادره شبل الحسين بضربة
لها خضعت شم الجبال العظائم
فأودى إلى الغبراء من فوق سرجه
صريعا بأنف منه في الأرض راغم
و سارعت الأبطال رعبا لوجهها
على حذر في خطبها المتفاقم
فكر بماضي العزم شبه محمد
عليهم كمثل الصقر خلف الحمائم
بدت آية الفتح المبين لسيفه
و للنصر بانت واضحات العلائم
فحال القضا والعذر أودى برأسه
فخر على الغبراء بين الملاحم
ودار عليه القوم من كل جانب
ببيض مواضيها وسمر اللهازم
فحيا أباه بالسلام و رزؤه
يموج كموج العيلم المتلاطم
و لباه سبط المصطفى لحشاشة
بها ظفرت أيدي الجوى والمآتم
وشق صفوف القوم بالسيف وانحني
عليه بقلب في الصبابة هائم
وأحنى عليه ، واضعا حر خده
على خده و الدمع شبه الغمائم
و نادى على الأيام بعدك العفا
و لا زهت الدنيا بمقلة شائم
بني فدتك النفس نهضا فإن بي
أحاط العدى من كل رجس وظالم
لقد فتت الأحشاء مني و أوهنت
قواي و كلت يا بني عزائمي
فلهفي على ذاك المحيا معفرا
ولهفي على تلك الخدود النواعم
ولهفي على ذاك القوام مجدلا
ولهفي على تلك الثغور البواسم
كانت هذه إخوة الإيمان قصيدة في رثاء الفتى الحسيني الخالد مولانا علي الأكبر – عليهما السلام – ، أنشأها العالم الأديب المرحوم الشيخ جعفر النقدي وقد قرأنا لكم في لقاء اليوم من برنامج (مدائح الأنوار) استمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران ، تقبل الله أعمالكم وفي أمان الله.