بسم الله وله الحمد منير السموات والأرضين بأنوار صفوته المنتجبين معادن حكمته وكنوز رحمته للعالمين حبيبه المصطفى الأمين وآله العروة الوثقى والحبل المتين.
سلام من الله عليكم إخوتنا المستمعين ، وأهلا بكم في لقاء اليوم من البرنامج نعطر أرواحنا فيه بقراءة بعض ما قيل من صادق الأشعار في مدح خامس أئمة الهدى سمي جده المصطفى وشبيهه باقر علوم النبيين وناشرها في قلوب المؤمنين مولانا الإمام أبي جعفر محمد الباقر – صلوات الله عليه –.
وقد اخترنا لكم من مدائحه – عليه السلام – أبياتا لشعراء من مختلف عصور التاريخ الإسلامي يجمعها محور التوسل بهذا الإمام الطاهر إلى الله عزوجل وبيان عظيم فضله – عليه السلام – في هداية المسلمين إلى الحياة الطيبة الكريمة في ظل القيم السماوية الخالدة ، تابعونا على بركة الله.
نبدأ أيها الأعزة بما أنشأه الشاعر الولائي المبدع الورد بن زيد الدسدي ، وهو أخو الشاعر الشهير كميت الأسدي صاحب القصائد الهاشميات ، وقد دنشأ الورد بن زيد المتوفى سنة ۱٤۰ للهجرة الأبيات التالية عندما وفد على الإمام الباقر – عليه السلام – فخاطبه بها قائلا:
كم جزت فيك من أحواز و إيقاع
وأوقع الشوق بي قاعا إلى قاع
يا خير من حملت أنثى ومن وضعت
به إليك غدا سيري وإيضاعي
أما بلغتك فالآمال بالغة
بنا إلى غاية يسعى لها الساعي
من معشر شيعة لله ثم لكم
صور إليكم بأبصار و أسماع
دعاة أمر و نهي عن أئمتهم
يوصي بها منهم واع إلى واعي
لا يسأمون دعاء الخير ربهم
أن يدركوا فيلبوا دعوة الداعي
مستمعينا الأفاضل وقد نقل رواية إنشاد الورد الأسدي لهذه الأبيات – باستثناء البيت الأول – بمحضر الإمام الباقر – عليه السلام – الحافظ أحمد بن محمد بن عياش في كتاب مقتضب الدثر فيما نسبت في مصادر أخرى إلى الكميت الأسدي.
ومن الشعراء الذي أجادوا في مدح الإمام الباقر – عليه السلام – العالم العاملي مؤلف كتاب (الصراط المستقيم) في الفقه الشيخ ذبراهيم بن يحيى الطيبي وهو من فقهاء القرن الهجري الثالث عشر والمتوفى سنة ۱۲۱٤ للهجرة وقد ضممن شعره حادثة نقل الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري سلام رسول الله – صلى الله عليه وآله – لسليله الإمام الباقر – عليه السلام – كما روى مؤرخوا السنة و الشيعة ، نقل المرحوم السيد محسن الأمين العاملي في كتابه (المجالس السنية) الأبيات التالية من قصيدة الأديب الطيبي رحمه الله وهي:
سرعان ما زال الشباب و ظله
عني.. وكيف يدوم ظل الطائر؟
واشوقتاه ! لقد ملأت صفيحتي
بجرائر و صغائر و كبائر
لكن رجائي بالمهيمن محوها
و وسيلتي حب الإمام الباقر
خير المحاتد محتد يفتر عن
سلف تتباع كابرا عن كابر
هو حجة الله الإمام محمد
و أبر باد في الأنام و حاضر
هو ذلك المولى الذي أهدى له الهادي الشريف سلامه مع جابر
هو ذلك النور الإلهي الذي
يغنيك عن نور الصباح السافر
فضل كمنبلج الصباح.. وهمه
أوفت على فلك النجوم الدائر
و يد إذا انتجع المؤمل رفدها
حشدت عليه بكل نوء ماطر
جل الذي أولاه مستن العلى
فالنجم يرمقه بطرف حاسر
مولى أعاد العدل وهو مضوع
غضا على رغم الزمان الجائر
مستمعينا الأفاضل ، أما الآن فنقرأ لكم ما تفجرت به قريحة الولاء في العالم الورع والأديب المبدع السيد محمد جمال الهاشمي وهو من أعلام حوزة النجف الأشرف والمتوفى سنة ۱۳۸۹ للهجرة ، فقال مادحا مولانا الإمام الباقر – عليه السلام –:
لذكراك يضطرب المنبر
ويبكى لتاريخك المزبر
أبا جعفر يا سليل النجوم
بها الحق منكشف نير
ويا أمل الدين سارت إليه
مواكبه و هي تستبشر
وهل أنت إلا الإمام الذي
بألطافه حقلنا مزهر
بغير ولائك لا تعتلي
صلاة ... و لا عمل يؤجر
فمن فاز في حبه مؤمن
و من شذ عن حبه يكفر
لأنك جسدت دين النبي
بسير به الفكر يستبصر
و أنك عبدت نهجا عليه
يسير موكبه جعفر
و أنك حقيقة إيماننا
وفيك انطوى سرنا المضمر
وأنت شفيع الورى يوم لا
شفيع و لا عمل يثمر
فديتك من صامد في الخطوب
يقاسي من الصبر ما يوقر
يرى الشمس يكسف أنوارها
ضباب على أفقها ينشر
و يبصر أحكام دين النبي
يغيرها الجشع المنكر
فجاهدت عصرك في منهج
به قد صفا أفقه الأكدر
تحدث أصحابك الأكرمين
بما قاله جدك الأطهر
فتنشر في الجو نور الصباح
بليل مخاوفه تذعر
وتنثر من بذر حقل الحياة
بقاحلة ماؤها ممقر
رميت القشور لمن رامها
ضلالا.. وكان لك الجوهر
و حاربك الظلم خوفا على
متاع هو العار ، لو يشعر
عبرت العباب ، و أمواجه
تثور فتغرق من يعبر
فديتك من صامد في الخطوب
و قد ثار طوفانها يهدر
ففي كربلاء رأيت الحسين
و حيدا يحاربه العسكر
و نسوته ثكل ذعر
و أصحابه جدل جزر
وسرت مع الركب ركب الإسار
بك النيب في سيرها تعثر
كانت هذه – مستمعينا الأكارم – قصيدة العالم الأديب السيد محمد جمال الهاشمي في مدح مولانا الإمام الباقر – عليه السلام – قرأناها لكم معمدائح باقرية أخرى في حلقة اليوم من برنامج (مدائح الأنوار) وقد استمعتم لها مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم بألف خير.