بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على انوار هداية الله ومعادن حكمة الله وكنوز رحمة الله وشموس معرفة الله رسول الله وآله الهداة الى الله عليهم صلوات الله آناء الليل وأطراف النهار.
السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة مباركة نستهل بها لقاء اليوم من هذا البرنامج، وقد إخترنا لكم فيها مديحة لمنار الإباء وسيد الشهداء وخامس أصحاب الكساء الإمام أبي عبد الله الحسين _عليه السلام_، سعى فيها منشؤها الى إستلهام قيم النجاة والخلاص من نير الظالمين من دروس الملحمة الحسينية داعياً طلاب التحرر والحياة الكريمة الى إقتفاء آثارها ورسم آفاق المستقبل المشرق بأنوارها.
أما منشؤ هذه المديحة الحسينية فهو الدكتور السيد مصطفى بن السيد جعفر بن الميرزا عناية الله آل جمال الدين الحسيني ولد في عام ۱۳٤٦ ه في قرية المؤمنين بسوق الشويخ بالعراق ونزح إلى النجف سنة ۱۳٥۷ه ودرس العلوم الدينية والعربية وبرزبين أقرانه عالما شاعرا له مكانته في الأوسط الدينية والأدبية، وتابع دراسته الأكاديمية فحصل على الماجستير في الشريعة الأسلامية من جامعة بغداد ثم واصل دراسة الدكتوراه بنفس الجامعة فنالها بدرجة امتياز، عمل مدرسا في جامعة بغداد، وأصبح عميدا لجمعية الرابطة الادبية في النجف، وله بحوث ودراسات كثيرة مطبوعة منها: البحث النحوي عند الأصوليين، القياس حقيقته وحجيته، وقد عرف بشاعرية مجودة مبدعة.
قال السيد مصطفى جمال الدين مخاطباً الإمام أبا عبد الله الحسين صلوات الله عليه:
ذكراك، تنطفئ السنين وتغرب
ولها على كف الخلود تلهب
لا الظلم يلوي من طماح ضرامها
أبدا، ولا حقد الضمائر يحجب
ذكرى البطولة، ليلها كنهارها
ضاح تؤج به الدماء وتلهب
ذكرى العقيدة، لم ينؤ متن لها
بالحادثات، ولم يخنها منكب
ذكرى الاباء، يرى المنية ماؤها
أصفى من النبع العذوب وأعذب
ذكراك مدرسة الذين تعرضوا
للسوط، يحكم في الشعوب، فأرعبوا
ومحجة الشهداء يخشاهم، وهم
صرعى به السيف اللئيم ويرهب
مولاي...درب الخالدين منور
بالذكريات الغر، سمح، مخصب
تهفو لروعته المنى، لكنه
مما يحيط به الفجائع، متعب
ايها أبا الأحرار أي كريمة
تبني الخلود، وليس منك لها أب
أنت الذي أعطيت ما أعيا الورى
تصديقه، ووهبت ما لايوهب
وقفت حيث أراح غيرك نفسه
والحق بينكما يهيب ويرغب
فصمدت للتيار تشمخ هادرا
سيان أغلب موجه أو يغلب
دوى بآذان الزمان هديرك الصافي
وضاءت من سناه الأحقب
ومشت، على مهج السعير، قوافل
الأحرار تكرع من لظاه، وتطرب
جئت الضحايا من بنيك تريهم
أن الحقوق بمثل ذلك تطلب
مولاي أنت لكل جيل صاعد
قبس ينير له السرى ويحبب
ولأنت إن زلت به قدم الهوى
صوت الضمير يرده ويؤنب
ولنا بيومك، وهو في أقصى المدى
كف ملوحة، وعين ترقب
وعلام نياس من هداية فتية
تخذتك رائدها الذي لا يكذب
أنا لست شيعيا لأن على فمي
ذكرى الحسين، أعيد فيه وأطنب
ولأن في قلبي عصارة لوعة
لأساه تذكرها العيون فتسكب
ولأن أمي أرضعتني حبه
ولأنه لأبي وجدي مذهب
لكنني أهوى الحسين، لأنه
للساكنين طريق خير أرحب
وأحبه لعقيدة يفنى لها
إن ديس جانبها، دين يغضب
ودم يريق، لأنه يغذو به
جوع الضمائر، إذا تجف فتجدب
أأكون شيعته، وقد أخذ الهوى
قلبي بغير طريقه يتنكب
وأكون شيعته، إذا لاقيته
وأنا لروح (يزيد) منه أقرب
مولاي، يومك لا يزال كأمسه
في الدهر ريان الضحى يتلهب
يزهو بغرته الأصيل، وينتشي
بجلال ما وهب الشروق المغرب
فدماً أرقت، كأنه من جده
الآن يعطر في الثرى ويخضب
وكأن حقا قد نصرت، وباطلا
يهوي... وأحقاد عليك تألب
وكأن قوما أسلموك بليلة
عسرى، وانقلبوا عليك فكذبوا
عادت بقيتهم، تبارك ما جنى
جان، وتصقل ما افترى وتهذب
أما الذين خبرتهم يوم التقى
من حولكم رهج القنا يتأشب
فوجدت فيهم كل(أشوس)يزدهي
أن الرماح لنهبه تترقب
فهم الذين توارثوك رسالة
تجري على جذب السنين فتخصب
وهم الذين جريت فيهم ثورة
بيضاء، تثبت للرياح وتصلب
وعقيدة تزهو بأن معينها
هيهات يفتر نبعه أو ينضب