بسم الله وله الحمد والشكر والثناء الذي تفضل علينا بمعرفة ومحبة وموالاة سيد النبيين وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله وتحياته وبركاته عليهم أجمعين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين...تحية مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع لقاءٍ آخر من برنامجكم هذا...وقد أعددنا لكم طائفةً أخرى من المديحة النبوية البديعة التي فجّرتها الكمالات المحمدية الفريدة في قلب شاعر نصراني هو الأديب السوري المبدع الإستاذ ميخائيل بن خليل خير الله ويردي المولود في مطلع القرن العشرين والمتوفى في وسطه أي في سنة ألف وتسعمائة وخمسين للميلاد.
وكنّا أيها الأعزاء قد قرأنا في حلقات سابقة مقاطع من مديحته (نهج البردة) التي عارض فيها قصيدة البردة الشهيرة للبوصيري المصري...ونجده في مقاطع هذه الحلقة وهو يؤكد حقيقة أن نجاة البشرية تكمن في إتباع النهج المحمدي، ويتحدث عن تجربته الذاتية في هذا المجال وداعياً الآخرين لهذا النهج مشيراً الى بعض خصائصه الإلهية. قال:
إجعل هواك رسول الله تلق به
يوم الحساب شفيعاً فائق الكرم
أسلمت لله أمري فهو يكلؤني
كالزّهر في الحقل والأطيار في العلم
ألست يا أيّها الإنسان أفضلها
وبارئ الكون قد حلّاك بالحكم
وكيف تسمو بروحٍ بالثرى علقت
وكيف تعلو على الآساد في الأجم
فإن يغب عنك أنّ العيش مرحمةٌ
فكيف تدرك أنّ الفوز بالألم
أقول للمصطفى أعظم بما ابتدعت
آيات برّك من خيرٍ ومن نعم
لو يتبع الخلق ما خلّدت من سنن
لم يفتك الجهل والإعواز بالأمم
ولم ير النّاس أحكاماً وفلسفةً
في الإجتماع ستلقيهم إلى العدم
مذاهبٌ أحدثت في الأرض بلبلةً
وأورثتنا بلايا الحرب والإزم
أين الزّكاة وأين العشر يحمله
أهل الغنى للألى ماتو من السّقم
هل كنت تبصر ما أودى بعالمنا
من قبل أن فاض بالويلات والنّقم
أم هل تنبأت عمّا تمّ في زمنٍ
تسوده فكرة الإلحاد والنّهم
نبوءةٌ حارب الجبّار منكرها
وروّع النّاس بالتعذيب والحمم
فيا نبيّ الهدى حيّيت من علمٍ
بالطهر متّسمٍ بالعدل مدّعم
أحببت دينك لما قلت أكرمكم
أتقاكم وتركت الحكم للحكم
الله أكبروالأكوان فانيةٌ
ومن يلذ بجلال الله لا يضم
سبحان من بيديه الملك أجمعه
ويرجعون إليه يوم بعثهم
يا عبقريّ الورى الأمي هل سمعت
من قبلك العرب وحيا جد منسجم
اياتك الغر إعجازٌ تنزّه عن
ندٍّ وليس دعيّ الحبّ كالسّدم
محمّدٌ ردّ من ضلّوا وعلّمهم
حقّ النّساء اللّواتي كنّ كالرّمم
يا فخر أمّتنا في الأرض قاطبةً
وسيّد المصلحين العرب والعجم
ويتابع الأديب السوري المبدع الإستاذ ميخائيل خير الله ويردي مديحته النبوية وهو يطلب شفاعة المصطفى- صلى الله عليه وآله- في هذا العالم أيضاً ليبث قيمه الإلهية الكفيلة بأنقاذ البشرية من أزماتها، قال:
إن كان ينجع طبّ النّاس في جسدٍ
فأنت تفعل بالأرواح كالحسم
ترعى اليتيم وترعى كلّ أرملةٍ
رعي الأب المشفق الباكي من اليتم
فارع النّفوس التي ذلّت ويتّمها
فقد الكريمين حبّ الخير والشمم
وهب لنا مبدأً حيّاً وتضحيةً
بها تفرّدت بين النّاس من قدم
ليت الإخاء الذي في يثرب انتشرت
راياته ظلّ فينا غير منفصم
إنّ القلوب إذا ألّفتها ائتلفت
والودّ حبلٌ فإن تصرمه ينصرم
ماذا يطهّر قومي من تنابذهم
والصّدّ يعلق بالأرواح كالرّشم
أجفوةٌ ورعاةٌ غرّهم طمعٌ
كأنّهم عن نداء الحقّ في صمم
أسمعتنا فنسينا واستقلّ بنا
هوىً فأمسى عزيز القوم كالحطم
فانفخ بنا نخوةً تجمع أواصرنا
وابعث بنا همّةً يا باعث الهمم
وبهذا ننهي مستمعينا الأطائب لقاء اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران...
لنا عودة في الحلقة المقبلة بأذن الله لمديحة (نهج البردة) التي أنشأها الأديب النصراني السوري ميخائيل خير الله ويردي في مدح حبيبنا المصطفى- صلى الله عليه وآله-
شكراً لكم ودمتم في رعاية الله.