بسم الله وله عظيم الحمد والثناء إذ جعلنا من أهل مودة وموالاة صفوته الرحماء سيد الأنبياء محمد وآله النجباء صلوات الله وتحياته وبركاته عليهم أجمعين.
سلام من الله الرؤوف الرحيم عليكم أيها الاخوة والأخوات وأهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج نقرأ لكم فيه أبياتاً لشاعر نصراني هو أول أديب مسيحي ينشأ قصيدةً على نهج قصيدة البردة التي أنشأها البوصيري في مدح النبي الأعظم – صلى الله عليه وآله-، إنه الأديب الحقوقي السوري (ميخائيل بن خليل خير الله ويردي) ولد في دمشق سنة ۱۹۰٤ للميلاد وتوفي فيها سنة إحدى وخمسين وتسعمائة وألف. درس هذا الأديب المسيحي الحقوق والقانون وعمل خبيراً في المحاكم، وأتقن فن التصوير الشمسي واللغات التركية والفرنسية واليونانية والروسية وحظي بثقافة واسعة وكان ذا حس مرهف يتأثر بالجمال بقوة وهذه أحدى الأسباب التي جعلته يندفع في مدح نبي الإسلام وآله الأطهار لما وجد فيهم من جمال الأخلاق الإلهية السامية…
ونجد في ديوانه (زهر الربى) عديداً من القصائد التي يمدح فيها أهل بيت النبوة- عليهم السلام-، نقرأ لكم في هذا اللقاء منها بعض أبيات قصيدته (نهج البردة) مع بعض إبياته في مدح مولانا الإمام السجاد علي زين العابدين- سلام الله عليه- تابعونا مشكورين.
مستمعينا الأكارم، نقرأ لكم بعض أبيات مديحة (نهج البردة) التي مدح فيها ميخائيل ويردي الرسول الأكرم ونشير الى بديع إفتتاحه لها، إذ لم يبدأ بالغزل بل إفتتحها بمدحه – صلى الله عليه وآله- مباشرة…قال رحمه الله-:
انوار هادي الورى في كعبة الحرم
فاضت على ذكر جيرانٍ بذي سلم
أبناء بابل أفنتهم مآثمها
وآل فرعون ما شادوا سوى الهرم
وتدمرٌ ومغانيها غدت خرباً
والذّكر بالخير غير الذّكر بالإرم
يا ليت من شيدوها للفناء رأوا
عقبى المباني فأغنتهم عن النّدم
زالوا وزالت مع الآثار عزتهم
فإن تجادل سل التاريخ واحتكم!
والمصطفى خالدٌ في الناس ما بزغت
أمّ النّجوم وممدوحٌ بكلّ فم
يا ليت أحلام عمري لم تضع بدداً
بحبّ قصر من الأوهام منهدم
وليتني لم أهم إلاّ بمن عرفوا
برقّة القلب لا بالظّلم والعقم
فكم حبيبٍ إذا خالفت فكرته
جازاك بالصدّ قبل البحث في التهم
فأربأ بنفسك أن تنهار من ألمٍ
وأربأ بحسنك أن يربَدّ من سأم
واجعل هواك رسول الله تلق به
يوم الحساب شفيعا فائق الكرم
هذا رسول الهدى فارشف على ظماء
من ورده العذب عطفاً شاق كلّ ظمي
كأنّما قلبه ينبوع مرحمةٍ
مستبشرٌ جذلان بالنّسم
يا أيّها المصطفى الميمون طالعه
قد أطلع الله منك النور للظّلم
في دينك السمح لا جنسٌ ولا وطنٌ
فكل فردٍ أخٌ يشدو على علم
وحّدت ربّك لم تشرك به أحداً
ولست تسجد بالإغراء للصّنم
وكيف تشرك بالرّحمن آلهةً
لا يستطيعون ردّ الرّوح للرّمم
عاديت أهلك في تحطيم بدعتهم
من ينصر الله بالأصنام يصطدم
كأنّ ربّك لم يخلق لدولته
سواك من مرسلٍ بالحقّ معتصم
أدّى الرّسالة حتّى ضجّ من سأمٍ
أجناد إبليس واشتدّ الأسى بهم
كأنّ أحمد بالأصفاد كبّلهم
فارتدّ جيشهم المقهور بالسّدم
شرعٌ على أقوم الأركان أسّسه
للعالمين نبيٌ طاهر الشيّم
غذّى عقول الورى حتّى أتاح لهم
عيش النّعيم ونقّاهم من الاثم
كأنّما الشّرع جزءٌ من نفوسهم
فإن هم وعدوا استغنوا عن القسم
يا أزهد النّاس في الدّنيا وفي يده
خزائن الملك والأنصار كالخدم
لو يتبع الخلق ما خلّدت من سنن
لم يفتك الجهل والإعواز بالأمم
قد كنت أرأف بالمسكينٍ من دولٍ
رأت بأمثاله سرباً من الغنم
أحببت دينك لمّا قلت اكرمكم
أتقاكم وتركت الحكم للحكم
وقلت إني هدىً للعالمين ولم
تلجأ الى العنف بل أقنعت بالكلم
مستمعينا الأفاضل…
وفي أبيات اخرى يشير الأديب المسيحي ميخائيل ويردي الى بعض منجزات السياسة المحمدية عندما يخاطب رسول الله – صلى الله عليه وآله- بقوله:
خاطبت كل ذكيّ حسب قدرته
ولم تكن بغبيّ القوم بالبرم
عززت كلّ فتاةٍ حين صحت بنا
ما أولد العزّ غير السادة الحشم
فأنت أولى من نادى بمأثرةٍ
يظنها الغرب من آلاء بعضهم
كأنما الناس آلاتٌ مبعثرةٌ
أخرجت منها جميل اللحن والنّظم
صلى الإله على ذكراك ممتدحاً
حتى تؤمّ صلاة البعث بالأمم
ونختم اللقاء مستمعينا الأكارم بهذه الأبيات من مديحة الأديب المسيحي السوري ميخائيل خليل خير الله ويردي لمولانا سليل المصطفى الإمام زين العابدين- عليهما السلام-، حيث خاطبه قائلاً:
ماذا تقول بمدحك الشّعراء
وعلاك ترفع أصله الزهراء
والله قد أثنى عليكم بالذي
قد شرّف الثقلين منه ثناء
آل الرسول بكم يبين لنا الهدى
ويزول عن عين اليقين غشاء
نسبٌ كمثل الصبح لاح لناظرٍ
ما للصباح عن العيون خفاء
وخلايق المختار فيك تجمّعت
فتشابه الأبناء والآباء
وعداك قد شهدوا بفضلك في العلى
والفضل ما شهدت به الأعداء
نشكر لكم إخوتنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران طيب المتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار)…الى الحلقة المقبلة نستودعكم الله ودمتم بكل خير.