بسم الله وله الحمد والمجد نور الأنواروالصلاة والسلام على سادة الابرار وصفوة الأخيار النبي المختار وآله الطيبين الأطهار.
سلام من الله عليكم إخوة الإيمان على بركة الله نلتقيكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج نقرأ لكم فيها بعض ما قاله أدباء النصارى في مدح سيد المرسلين - صلى الله عليه وآله- بعد أن هزّ أعماقهم الكمال المحمدي الجميل فنطقت فطرتهم بآيات المديح والثناء خارقةً حجب التعصب بمختلف أشكاله، تابعونا على بركة الله.
نبدأ بما قاله الفيلسوف المادي شبلي شمّيل المتوفى سنة ۱۳۳٥ للهجرة وهو مسيحي لبناني يعد من طلائع النهضة العربية العلمانية ولد في لبنان سنة ۱۲۷٦ للهجرة وتخرج من الكلية البروتستانية في الجامعة الأميريكية في بيروت ثم توجه الى باريس لدراسة الطب، وبعد تخرجه إستقر في مصر وأصدر مجلة الشفاء، وقد تبنى نظرية دارون ونشرها في كتابه فلسفة النشوء والإرتقاء....ورغم إتجاهه المادي الواضح والصريح ومعارضته للحكم الديني إلا أنه أقر بعظمة خاتم الأنبياء - صلى الله عليه وآله- فقد نشرت صحيفة المنار رسالته لصاحب المنار السيد محمد رشيد رضا والتي قال فيها:
أنت تنظر إلى محمد ابن عبد الله ك ( نبي) وتجعله عظيما، وأنا أنظر إليه كرجل وأجعله أعظم، ونحن وإن كنا في الاعتقاد الديني أو المبدأ الديني على طرفي نقيض فإننا يجمع بيننا العقل الواسع والإخلاص في القول وذلك أوثق لعرى المودة بيننا.
ثم قال: (الحق أولى أن يقال)، وقال شعراً في مدح النبي الأكرم - صلى الله عليه وآله- قائلاً:
دع من محمد في سدى قرآنه
ما قد نحاه للحمة الغايات
إني وإن أك قد كفرت بدينه
هل أكفرن بمحكم الآيات
أو ما حوت في ناصع الألفاظ من
حكم روادع للهوى وعظات
وشرائع لو أنهم عقلوا بها
ما قيّدوا العمران بالعادات
نعم المدبر والحكيم وإنه
رب الفصاحة مصطفى الكلمات
رجل الحجا رجل السياسة والدها
بطل حليف النصر في الغارات
ببلاغة القرآن قد غلب النهى
وبسيفه أنحى على الهامات
من دونه الأبطال في كل الورى
من سابق أو حاضر أو آتي
مستمعينا الأفاضل ونشير هنا الى أن شبلي شمّيل هذا هو الذي أذعن لعظمة الوصي المرتضى عليه السلام ووصفه نسخة طبق الأصل عن نفس النبي المصطفى - صلى الله عليه وآله-، فقد نقل الإستاذ جورج جرداق في مقدمة كتابه (الإمام علي صوت العدالة الإنسانية) عن الفيلسوف شبلي شمّيل قوله: (الامام علي بن أبي طالب هو عظيم العظماء، وهو نسخة مفردةٌ لم يرلها الشرق ولا الغرب صورة طبق الأصل [يعني النبي الأكرم] لا قديماً ولا حديثاً).
مستمعينا الأفاضل، ونبقى مع إقرار الأدباء والعلماء من غير المسلمين بعظمة حبيبنا المصطفى - صلى الله عليه وآله- فنقرأ لكم بعض ما قاله الأديب المسيحي والكاتب النهضوي الشامي إلياس قنصل المولود سنة ۱۹۱۲ للميلاد في سوريا والمتوفى في مهجره الأرجنتين سنة ۱۹۸۱ ميلادية وهو مؤسس صحيفة المناهل وله شعر كثير في دعوة الشعوب العربية لمواجهة الإستعمار الغربي.
يقول إلياس قنصل في قصيدة بمناسبة المولد النبوي يعاتب فيها الشعوب العربية على الخضوع للإستعمار...ثم يعتذر من النبي الأكرم مادحاً له ولقرآنه ودينه - صلى الله عليه وآله- بقوله:
رسول الله عفوك إن عذلي
لتنبيه النفوس الغافلات
كتابك زينة الأجيال تزهو
بمعجز آيه أم اللغات
ودينك نعمة في الكون ضاءت
فنورت النواحي المظلمات
ويشير هذا الشاعر النهضوي المسيحي الأديب إلياس قنصل في قصيدة أخرى الى سمو الأخلاق المحمدية وأنها هي التي نشرت الإسلام، فيقول:
وما نشر الإسلام سيفٌ مدبرٍ
عليمٌ بأسرار الحروب مجرب
ولكن صفات في الرسول كريمة
ببوتقة الأحداث تسمو وتنجب
وقال أيضاً في قصيدة نهضوية أخرى يشير فيها إلى إستلهام روح الجهاد المحمدية:
ما ذا تهمّ طوارق الحدثان
خلق الجهاد لكلّ ذي وجدان
الحقّ شرعك فامض فيه مؤمّلا
ما آب غير الكفربالخذلان
عميت نفوس الناس من أهوائها
فأعد جمال النور للعميان
لا فرق بين ملفّف بضلاله
وملفّف بنواصع الأكفان
أيها الاخوة والأخوات وننقلكم الى قصيدة أنشأها بمناسبة عيد المولد النبوي المحمدي الشريف، الأديب اللبناني الشهيرخليل مطران وسمّاها (عظة العيد الهجري )...
وفي هذه القصيدة يعرب هذا الشاعر المسيحي عن سمو الأهداف التي حملها ودعا لها النبي الخاتم - صلى الله عليه وآله- داعياً الى التفاهم المسيحي الإسلامي...قال:
سلامٌ على هذا الهلال من امرىءٍ
صريح الهوى والحر لا يتكتم
سلام وتكريمٌ بحق كلاهما
وأشرف من أحببته وهو يكرم
هو يتك إكباراً لمن أنت رمزه
من المأرب العلوي لوكان يفهم
وعلماً بأن الشرق ينمو ويرتقي
بأن يتصافى عيسويٌ ومسلم
نكتفي أعزاءنا بهذا المقدار مما قاله الشعراء غير المسلمين في مدح سيد المرسلين حبيبنا النبي المختار- صلى الله عليه وآله- ، فقد انتهى الوقت المخصص للقاء اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، نشكر لكم جميل الإصغاء ودمتم بكل خير.