بسم الله وله الحمد نور السموات والأرضين، وأزكى صلواته وتحياته وبركاته على مطالع نوره المبين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم اخوتنا المستمعين...أهلاً بكم في لقاءٍ آخر من برنامجكم هذا نقرأ لكم فيه أبياتاً لاثنين من أدباء النصارى دخل حب المصطفى - صلى الله عليه وآله- قلبيهما لما عرفاه من كمالاته التي أذعنت لسموها كل النفوس وعبرت عنها المنصفة التي تحررت من حجب التعصب...
شاعرا هذا اللقاء هما إلياس طعمة من لبنان، وميشيل مغربي من سوريا تابعونا على بركة الله.
نبدأ إخوتنا بالأديب الأول وهو- كما ذكر الزركلي في كتاب الأعلام-: إلياس بن فرج بن طعمة الملقب بأبي الفضل الوليد، شاعرٌ من أدباء لبنان في المهجر الأميريكي ولد سنة ۱۳۰۳ للهجرة بقرنة الحمراء بلبنان وتخرج بمدرسة الحكمة ببيروت وهاجر الى أميركا الجنوبية فأصدر جريدة الحمراء في عاصمة البرازيل وإتخذ لنفسه سنة ۱۹۱٦ إسماً جديداً هو ابوالفضل الوليد فكان يوقع ما به يكتبه عاد الى وطنه لبنان سنة ۱۹۲۲ وقام برحلاتٍ في البلاد العربية وغيرها وعرضت عليه العديد من المناصب في البلاد العربية فرفضها وفضّل العزلة فمات وحيداً في لبنان سنة ۱۳٦۰ للهجرة...
وصف بأنه شاعر الرقة والسهل الممتنع ومن دعاة النهضة والتحرر من الإستعمار وقد صدرت عدة من المؤلفات منها كتاب القضيتين في السياستين الشرقية والغربية وكتاب نفحات الصور، وأحاديث المجد والوجد ودواوين شعرية عدة...ونلاحظه في إحدى قصائده يفتخر بأنتمائه للعرب لأن محمداً - صلى الله عليه وآله- منهم ويصرح بأنه أفضل البشر وشريعته أكمل الشرائع...فهو يقول:
ألا هل كقومي أو كمثل كبارهم
إذا عدت الأقوام والكبراء
ففي العالم العلويّ ساد محمد
وما ولدت مثل النبيّ نساء
وكيف أوفيّ خير من وطئ الثرى
من المدح حقاً والثناء عياء
إلهيةٌ أقواله وفعاله
يقصّر عن إدراكها الحكماء
دعا قومه والناس طرّاً إلى الهدى
وللأرض منه في الظلام ضياء
وأعطى الورى ديناً وشرعاً بناهما
على لغةٍ منها البيان غناء
فصلّوا بها الله، وهي لسانه
وفي غيرها لا يستجاب دعاء
وأوصى بحج البيت صوناً لحرمةٍ
من الله والإسلام حيث يفاء
فجمّع أهل الشرق والغرب حوله
وصاربه كالأخوة الغرباء
وبعد طوافٍ واستلامٍ مثبّتٍ
لإيمانهم عادوا وهم حلفاء
ينادون باسم الله واسم محمّدٍ
أذاناً هزّ العالمين نداء
شريعته فوق الشرائع كلها
فما هي إلاّ حكمةٌ ونقاء
وفي أبيات أخرى من قصيدته هذه يصرح الأديب اللبناني إلياس طعمة بكمال الشريعة المحمدية وتعبيرها الشمولي عن الدين الإلهي الحق...قال:
وكم جامعٍ فيه نعيمٌ ونعمةٌ
ومأذنةٍ فيها على وعلاء
بظلّهما قد صارت الأرض جنةً
لها العدل خصبٌ والإخاء نماء
وأكمل دينٍ دينه فهو للورى
علاج طبيب صحّ منه إساء
على مقتضى أحوالهم وطباعهم
وحاجاتهم قد جاء منه كفاء
فساوى على حقّ ملوكاً وتربة
تآخوا على الإسلام وهو إخاء
مستمعينا الأفاضل، وفي قصيدة ثانية نجد الأديب اللبناني اباالفضل الوليد أو إلياس طعمة يصرح بتجنيده شعرا للدفاع عن النبي الأكرم بوجه تشويهات أعدائه فقد دخل حبّه - صلى الله عليه وآله- قلبه، فنقرأ له وهو يخاطب مكة المكرمة ثم يسمع جوابها...قال:
على روحي أفيضي النور حتى
أرى فجراً على روض نديّ
لقد جردت من شعري سيوفاً
تذود عن النبيّ اليثربيّ
وقد أيقضت بالفرقان قلبي
فهذا النور من شعري الأبيّ
فقالت: أنت بالإسلام أحلى
فصلّي، وسلّمنّ على النبيّ
اللهم صلّ على محمد وآله الطيبين الطاهرين...
مستمعينا الأفاضل، ونلمح في شعر أدباء النصارى تصريحات عديدة بأن أخلاق النبي الأكرم - صلى الله عليه وآله- وسموه ورأفته ورحمته ونهجه القويم، كلها عوامل تفتح قلب كل إنسان على محبته - صلى الله عليه وآله-.
وهذا ما يصرح به الأديب المسيحي ميشيل مغربي وقد ولد من والدين سوريين في مدينة الإسكندرية المصرية سنة ۱۹۰۱ للميلاد وهو من عرب المهجر حيث قضى معظم عمره في البرازيل وكانت له نشاطات كثيرة فكرية وأدبية، وكان يدعى في معظم احتفالات المولد النبوي الشريف التي كانت تقيمها الجمعية المحمدية في البرازيل ويلقي فيها القصائد التي ينشؤها في مدح النبي الأكرم - صلى الله عليه وآله-، وقد نشرت بعضها في ديوانه الذي طبع سنة ۱۹۷۷ بعيد وفاته...قال ميشيل مغربي في إحدى هذه القصائد عن حب المصطفى - صلى الله عليه وآله-:
صلى الإله على النبي محمد
من جاءنا بالخير والذكر الندي
من ربّنا الرحمن أعلى قدره
وحباه آيات العلا والسؤدد
وأقام بالهادي منائر عزةٍ
من يستنر بضياه دوماً يهتد
إني أحبك يا محمد مرشداً
تدعو إلى النهج السويّ الأرشد
وأحب رأفتك التي فاضت على
أدناك والشاني البغيض الأبعد
وأحب رحمتك التي لم تزوها
حتى عن الحجر الأصم الجلمد
لما بدت أضواء دينك أبصرت
عين العميّ المستريب الأرمد
إني أحبك يا رسول محطما
كل الأباطيل التي لم ترشد
وأحب دعوتك التي قامت على
نبذ الضلالة والتفاهة والدد
جمعت بالتوحيد أقواما علا
فيها الغويُّ المستبد المعتدي
وربطت بالإيمان جيلاً نيرا
ذا همة نيطت بأفق الفرقد
إني أحبك يا حبيبي شافعاً
يوم القيامة والمصير الأربد
يا رب ثبتني على درب الهدى
يا رب وأمنحني شفاعة أحمد
كانت هذه مستمعينا الأكارم بعض أبيات مديحة نبوية للأديب المسيحي السوري ميشيل مغربي وقد قرأنا لكم ضمن لقاء اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران...تقبل الله منكم جميل المتابعة ونلقاكم على خير في لقائنا المقبل بمشيئة الله وتوفيقه في أمان الله.