بسم الله وله عظيم الحمد والشكر والثناء إذ فطرنا على محبة وموالاة سيد الأنبياء محمد وآله صفوة الأوصياء صلوات الله وتحياته عليه وعليهم أجمعين.
السلام عليكم أيها الاخوة والأخوات، أهلاً بكم في لقاء اليوم من برنامجكم هذا نقرأ لكم فيها مديحة للنبي الأكرم – صلى الله عليه وآله- أنشأها شاعر مسيحي بلغ به الإعجاب بشخصية سيد المرسلين مرتبة تسمية إبنه باسمه الشريف – صلى الله عليه وآله-.
إنه الكاتب والأديب اللبناني الشهير مارون بن حنا بن الخوري يوحنا عبود.
ولد مارون عبّود في (عين كفاع) من قرى منطقة جبيل اللبنانية سنة ۱۸۸٦ للميلاد، أدخله أبوه في مدرسة (ماريوحنا مارون) المسيحية لكنه تركها بعد أربعة أعوام لأن أباه كان يقصد تهيأته للحياة الكهنوتية، ثم إختار الدراسة في مدرسة الحكمة وفيها تفتحت مواهبه الأدبية…
وللأديب القاص مارون عبود ستون مؤلفاً في علوم العربية والأدب والتأريخ والكيمياء وغيرها وقد ترجمت عدة من قصصه الى اللغات الروسية والفرنسية، وتم تكريمه بكثير من الأوسمة الرسمية…وتابع نشاطاته الأدبية والكتابية الى حين وفاته سنة ۱۹٦۲ للميلاد.
يقول مارون عبود: رزقت ولداً فسميته محمداً، فقامت قيامة الناس، فريقٌ يستهجن ويقبّح ويكفر وفريقٌ يوالي وينتصر، وكان أول من قدّر هذا العمل وأعجب به صديقي المرحوم أمين الريحاني، فنظمت هذه القصيدة وهي:
عشت يا ابني يا خير صبي
ولدته أمه في رجب
فهتفنا وأسمه محمدٌ
أيها التأريخ لا تستغرب
خفف الدهشة وإخشع إن رأيت
ابن مارون سمياً للنبي
فالنبي القرشي المصطفى
آية الشرق وفخر العرب
يا بني فأعتزّ باسمٍ خالدٍ
وتذكر إن تعش أوفى أب
مستمعينا الأفاضل، ولهذا الأديب اللبناني قصيدة طويلة في مدح حبيبنا المصطفى يشير الى سمو منزلته – صلى الله عليه وآله- وخلود معجزته القرآن الكريم، قال في بعض أبيات هذه القصيدة:
طبعتك كف الله سيف أمان
كمن الرّدى في حده للجاني
العدل قائمه وفي افرنده
سور الهدى نزلّن سحر بيان
وعليك أملى الله من آياته
شهباً هتكن مدارع البهتان
لولا كتابك ما رأينا معجزاً
في أمةٍ مرصوصة البنيان
حملت إلى الأقطار من صحرائها
قبس الهدى ومطارف العمران
هادٍ يصوّر لي كأنّ قوامه
متجسّدٌ من عنصر الإيمان
وأراه يغضب للإله موحداً
من نخلةٍ في عرقها صنوان
لم يزهه بدرٌ ولا أحدٌ ثنى
عزماته عن خطة العرفان
فهو اليقين يصارع الدنيا ومن
جاز اليقين يعود بالخذلان
وكذا النبوّة حكمةٌ وصرامةٌ
وتقى وإلهام وفرط حنان
لك في السماء منصةٌ قدسيةٌ
قامت على التوحيد والميزان
ما كنت سفاحا ولم تسفك دماً
إلا بحق العادل الديان
قد أحرجوك فأخرجوك فنلتهم
ومذ ارعووا عن ذلك الطغيان
وسمحت ثم صفحت عن آثامهم
وغمرتهم بالفيء والإحسان
لله دينك جنةٌ مختومةٌ
من كل فاكهةٍ بها زوجان
دينٌ تدفّق حكمةً وتجدداً
كالبحر لفظاً والسماء معاني
ألّفت منه وحدةً كونيةً
العبد والمولى بها ندان
وفي أبياتٍ أخرى من قصيدته يثني الأديب النصراني مارون عبود على صلابة الموقف المحمدي في انكسارة أحد وسماحته في فتح مكة قائلاً:
أحدٌ سبيل الله سيناء
النبي الهاشميّ ومصرع الأوثان
ألواحه هبطت سطوراً من دم
لما تناضل عنده الحزبان
يمشي براية أحمدٍ حزب الهدى
والشرك يزجيه أبو سفيان
فعلا فحيح المشركين كأنّ في
تلك الصدور جهنم الأضغان
دهموا الرسول فما ألان جناحه
للكافرين وقام كالصّفوان
متماسكٌ إيمانه مستوثقٌ
وجدانه من ربّه الحنّان
سر يا محمّد لا تخف غمراتها
فستنجلي عن قدرة الرّبان
وقضى المهيمن أن يمهتر عبده
بدم بلاغ الوحي للأكوان
فثنيتاه ومبسم الدين ازدهى
بهما ونال الحق خير ضمان
وكذا الرسالة لا يؤيّد وحيها
إلا إذا كتبت بأحمر قاني
ماذا أبا لهبٍ ومكة أشرعت
أبوابها لعساكر الرحمن
قد غمك النصر الصغير فلو ترى
الفتح الكبير لمتّ قبل ثمان
انظر فإن النّاس حول محمدٍ
كربائضٍ أحدقن بالرّعيان
قد طاف بالبيت العتيق مطهّراً
وغداً سيعدوه إلى البلدان
الله أكبر دهورت أصنامكم
فتحطمت أسمعت صوت أذان؟
ومحمدٌ مغضٍ جلالاً خاشعاً
ملء النفوس جماله الروحاني
يا من يموت ودرعه مرهونةٌ
قد دست مجد الأصفر الرّنان
لو أدّت الناس الزكاة وأنصفوا
ما كان في الدنيا فقيرٌ عاني
يسّرت للناس الشؤون فأيسروا
أما الهوى فكبحته بعنان
أمعلم التوحيد وحّد أمةً
قد فرّقتها نعرة الأديان
يتنازعون على السماء وأرضهم
في قبضة الروّاد والحدثان
فلتنحني الأجيال إجلالاً لدى
ذكر النبيّ الأطهر العدنان
ولينعق المتعصبون فلم يضر
طير الجنان تمنطق الغربان
كانت هذه اخوتنا مستمعي إذاعة طهران بعض أبيات الأديب المسيحي اللبناني مارون عبود التي مدح بها سيد الأنبياء حبيبنا المصطفى – صلى الله عليه وآله- قرأناها لكم في حلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) تقبل الله منكم جميل الإصغاء ودمتم سالمين.