بسم الله وله الحمد والثناء حبيب قلوب الصادقين وغاية آمال العارفين والصلاة والسلام على ينابيع إحسانه القديم وأنوار صراطه المستقيم حبيبنا المصطفى الأمين وآله الطيبين الطاهرين. السلام عليكم إخوتنا المستمعين ... أهلاً بكم أيها الأعزاء في حلقةٍ أخرى من برنامجكم هذا... إن من أعظم دلائل صدق حب العبد المؤمن لله عزوجل حبه لصفوته المنتجبين محمد وآله الطاهرين، فحبهم صلوات الله عليهم أجمعين- هو أبرز مصاديق حب الله عزوجل مثلما أن ذكرهم ذكر الله وطاعتهم طاعة الله عزوجل وهذا ما صرحت به كثيرٌ من النصوص الشريفة. وإن من أهم علامات صدق حب المؤمن لمواليه الطاهرين لجؤوه إليهم وإستجابته لأمر الله باتخاذهم الوسيلة إليه جل جلاله والإعراض عما سواهم والمرابطة على أبوابهم وتقصي آثارهم والصبر على هذه المرابطة وإن تأخر ظهور آثارها... هذه المعاني الجميلة المستفادة من الأحاديث الشريفة يجليها الأديب الولائي المعاصر الأخ عبد الرضا الحائري في خاتمة قصيدة (جنة المصطفى – صلى الله عليه وآله-) وقد قرأنا لكم- أيها الاخوة والأخوات -ما تقدم منها في لقاءات سابقة من هذا البرنامج إشتملت على تصوير فني بديع لمقامات النبي الأكرم ومظاهر الرحمة الكبرى التي تفضل الله عزوجل بها على العالمين ببركة وجود حبيبه المصطفى- صلى الله عليه وآله-.
وقد عرض الأديب الحائري المناقب المحمدية بصورة قصة عبدٍ تاه عن هذه الخيمة النبوية المباركة وجرب إتباع شتى التيارات الأخرى فلم يجد فيها سوى السراب والخداع فعاد لخيمة المصطفى -صلى الله عليه وآله-.
وعرف أن الله الذي يطلبه هو في جنة المصطفى فأمتلأ حباً لمحمد وآله الطاهرين وطفق يتوسل إليهم بحبهم كي يقبلوه عبداً لله في دارهم...
قال الأديب الحائري على لسان الملتجيء لخيمة أهل بيت النبوة وهو يخاطبهم – عليهم السلام- قائلاً:
صلى عليكم ربكم يا سادتي
مترحماً ومسلماً تسليما
يا رحمة الله الوسيعة نظرةً
أحيوا بها بوصالكم مصدوما
والله إني لا أطيق فراقكم
مذ طيبكم أهدى إليّ شميما
وشميمكم بيد الاله معطرٌ
ريح الجنان شممت منه نسيما
فوجدت في كل النسائم غيره
زفر الجحيم ملوثاً مسموما
فأجنني هذا النسيم فديته
من قاتل حاشا يكون ظلوما
ما مات من أمسى قتيل هواكم
فبعشقكم يحيا القتيل سليما
لا تطردوني عن حماكم سادتي
وأنا المقر بفضلكم تسليما
وأقر أني قد جحدت جهالةً
إحسانكم متمرداً ولئيما
لكنني قد جئتكم متيقناً
كون الاسير بداركم مرحوما
إن شئتموا فتقبلوني تائباً
من قبل قد طهرتم المرجوما
أو حرّقوا فيّ الجحود ولؤمه
بوفائكم وإستنقذوا المهضوما
أو أدبوني – سادتي- وترفقوا
أنى أطيق عذابكم تسويما
وأنا الضعيف بذلتي لولاكم
بسواكم كنت الجهول ظلوما
كيف الهداية ترتجى من غيركم
وبغيركم يمسى الهدى مهدوما
كيف الوصول الى الإله بغيركم
وإلاههم عجلٌ طغى مجذوما
فخري أكون عبيدكم وترابكم
لا أن ألوذ بغيركم مخدوما
رحماكم أنا لائذٌ بخيامكم
في ظلكم يغدو اللئيم كريما
ساظل أطرق بابكم مستجدياً
من لي سواكم أرتجيه رحيما
وإذا تعبت وكلّ متني راغماً
طرق الفؤاد ولن يكلّ سؤوما
وإذا هلكت فديتي طوباكم
أنتم رجائي هل أخيب ملوما
وأنا المهاجر من (أناي) إليكم
لا تتركوني في الهجير رغيما
أنتم مناي، مناي أجري أنتم
لا أبتغي أجراً سواه عظيما
أجري عليكم واقعٌ فتصدقوا
بجذيبةٍ تحي الموات رميما
وأنا الرميم أتيتكم مستحييا
إسترزق الاحياء والترميما
مترقباً إذن الدخول ونظرة
رحماكم عذت بكم مكلوما
هجر الكرى مني الجفون مودعاً
صبا قلا طيب الهجوع سخيما
أقضي نهاري في إنتظاري فجركم
وأبث في سحري شجىً وهموما
سحري نداه دموع وجدٍ دائمٍ
حرّى تفيض على الخدود نجوما
تسقي فؤاداً ظامئاً متلوعاً
ومتيما بغرامكم مثلوما
ذابت همومي كلها في حبكم
صرت الموحد في هواه مقيما
متمنياً رؤياكم متولهاً
متشوقاً متلهفاً مقصوما
حيناً اشم ثراكم مستطعماً
حيناً أقبّل عتبةً ورسوما
حيناً أسلي بالمنى قلباً غلا
حيناً أضمد بالوعود كلوما
حيناً أهيم عن الورى متململاً
متقصياً آثاركم منهوما
حيناً أناجيكم ببث شكايتي
من لي سواكم يحفظ المكتوما
متعرضاً لوصالكم ومودتي
تتلو الصلاة عليكم ترنيما
مترنماً في ذكركم وببهجةٍ
حيناً وحيناً باكياً مهموما
تجري دموعي عبرةً لمصابكم
حيناً وحيناً للفراق سجوما
صفر اليدين أتيتكم مترقباً
من بركم- فرجاً يهل عظيما
كانت هذه أيها الاخوة والأخوات خاتمة قصيدة (جنة المصطفى) التي انشأها الأديب الولائي المعاصر الأخ عبد الرضا الحائري في مدح النبي الأكرم- صلى الله عليه وآله- والتوسل الى الله به وبعترته الطاهرين- صلوات الله عليهم أجمعين-، وقد قرأناها لكم في لقاء اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) الذي يأتيكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته آمنين.